مع خالص الشكر من أعماق قلبي وأصدق تحياتي
لك بالغ إخلاصي يا سيدي العزيز
سي داروين [كتب أقدم خطاب رأيته من خطابات والدي إلى البروفيسور هيكل في عام 1865، ومنذ ذلك الوقت فصاعدا، ظلا يتراسلان (وإن كان تراسلا غير منتظم على الإطلاق، حسبما أظن) حتى نهاية حياة والدي. لم تكن صداقته مع هيكل محض نتاج لتطور مراسلاتهما، مثلما كان الحال مع البعض الآخر، كفريتز مولر مثلا. أجرى هيكل أكثر من زيارة إلى داون، وقد استمتع والدي للغاية بهذه الزيارات. تكمن فائدة الخطاب التالي في توضيح شعور الاحترام القوي الذي كان يكنه لمراسله، وهو شعور كنت أسمع التعبير عنه بتشديد قاطع مرارا، وكان مراسله يبادله إياه بحرارة. الكتاب المشار إليه هو كتاب «علم التشكل العام» الذي ألفه هيكل، ونشر عام 1866، وتلقى والدي نسخة منه أهداها إليه المؤلف في يناير 1867.
طرح الدكتور إي كراوزه
5
سردا جيدا لما قدمه البروفيسور هيكل لقضية التطور. فبعدما تحدث عما لاقاه كتاب «أصل الأنواع» من استقبال فاتر في ألمانيا عندما نشر هناك لأول مرة، يمضي قدما ليصف أوائل أتباع العقيدة الجديدة بأنهم كتاب على درجة من الشهرة، لكن من غير المرجح أن يحسنوا درجة قبوله لدى وسط الأساتذة أو الوسط العلمي البحت. ويصرح قائلا عن هيكل بأن دفاعه عن مسألة التطور في كتابه «الشعوعيات» (1862)، وفي «اجتماع» علماء التاريخ الطبيعي في مدينة شتيتين البولندية في عام 1863، هو الذي طرح المسألة الداروينية علنا لأول مرة أمام الوسط العلمي في ألمانيا، وكان ترويجه الحماسي لها هو ما أسهم بدور رئيسي في نجاحها.
وأثنى السيد هكسلي، في خطاب كتبه في عام 1869، ثناء بالغا على البروفيسور هيكل، واصفا إياه بأنه قائد الحركة الداروينية في ألمانيا. وقال عن كتابه «علم التشكل العام»، «الذي يعد محاولة لاستنباط التطبيق العملي» لفكرة التطور على نتائجهم النهائية، إنه يتسم «بقوة أوكن وقدرته على تحفيز التفكير ... إضافة إلى قوة التنظيم دون مغالاته». يشهد البروفيسور هكسلي أيضا بقيمة كتاب هيكل «تاريخ الخلق»، واصفا إياه بأنه شرح لكتاب «علم التشكل العام» «لجمهور مثقف».
بعد ذلك، كتب السيد هكسلي مجددا، في مقالته «التطور في علم الأحياء»:
6 «مهما كان التردد الذي قد يراود - في حالات ليست بالقليلة - عقولا أقل جرأة حيال اتباع هيكل في العديد من تكهناته؛ فمحاولته الرامية إلى منهجة فكرة التطور، وإظهار تأثيرها باعتبارها الفكرة المركزية لعلم الأحياء الحديث، لا يمكن أن تفشل في ترك تأثير واسع النطاق على تقدم العلم.»
في الخطاب التالي يلمح والدي إلى الضراوة الشرسة بعض الشيء التي خاض بها البروفيسور هيكل معركة الدفاع عن «الداروينية»، وقد أدلى الدكتور كراوزه ببعض التعليقات الجيدة (الصفحة 162) بخصوص هذا الموضوع. فهو يتساءل عما إذا كان الكثير مما حدث في أوج احتدام الصراع ربما ما كان سيحدث لولا ذلك، ويضيف أن هيكل نفسه هو آخر رجل قد ينكر هذا. بالرغم من ذلك، يرى كراوزه أن حتى هذه الأشياء ربما تكون قد نفعت قضية التطور؛ لأن هيكل «سلط على نفسه، بكتابه «أصل العرق البشري»، وكتابه «علم التشكل العام» وكتابه «تاريخ الخلق»، كل الكره والاستياء اللذين أثارهما التطور في أوساط معينة»، ومن ثم، «ففي وقت قصير جدا إلى حد مدهش، صار الرائج في ألمانيا أن يساء إلى هيكل وحده، بينما قدم داروين على أنه نموذج مثالي للتروي والاعتدال.»]
Unknown page