3
قبل بضع سنوات، وأوضح مؤلفها على نحو مثير للإعجاب وجود مغالطة في إحدى الحجج الرئيسية؛ لقد أرسلت المقالة إليك، واتفقت معها بشدة ... وردت أيضا قبل بضعة أيام في مجلة «ذا سبيكتاتور» مقالة نقدية جيدة إلى حد كبير عن كتاب الدوق، وتتضمن تفسيرا جديدا للأعضاء الأثرية، إما من وحي قريحة الدوق أو الناقد (لم أستطع معرفة أيهما هو صاحبه)، ألا وهو أن الاقتصاد في الجهد والمواد كان مبدأ إرشاديا عظيما لدى الإله (بتجاهل البذور غير المستخدمة والكائنات الوليدة المشوهة، وما إلى ذلك)، وأن إنشاء مخطط جديد لبنية الحيوانات كان يستلزم تفكيرا، والتفكير جهد؛ ولذا تبنى الإله مخططا موحدا، وترك الأعضاء الأثرية. هذه ليست مبالغة. باختصار، الإله إنسان، لكنه أذكى منا بعض الشيء ... أنا ممتن جدا لك على صحيفة «ذا نيشن» (التي ستعاد ضمن هذه الدفعة البريدية)؛ فهي جيدة إلى حد «مثير للإعجاب». تقول إن تخميناتي دائما ما تكون خاطئة، لكني أعتقد أنه لا يمكن لأحد، سوى آسا جراي، أن ينجز ذاك العمل بهذا الإتقان. أراهن بواحد مقابل واحد، أو بثلاثة مقابل اثنين، أن الكاتب هو آسا جراي، وإن كنت قد فوجئت من فقرة أو اثنتين.
أختتم كتابي «تباين الحيوانات والنباتات تحت تأثير التدجين» بفقرة واحدة ترد، بقدر ما يسمح به الحيز الصغير، على فكرة آسا جراي القائلة بأن كل تباين قد رتب أو سير خصوصا وفق المنفعة، بل الأحرى أنها تلقي بظلال من الشك عليها. من الحماقة أن أتطرق إلى مثل هذه الموضوعات، ولكن كان يوجد كم هائل من التلميحات إلى رأيي بشأن الدور الذي يؤديه الإله في تكوين الكائنات الحية، فرأيت أن التهرب من المسألة سيكون تصرفا وضيعا ... إنني تلقيت أيضا خطابات بشأن هذا الموضوع ... لقد أغفلت جملتك عن العناية الإلهية، ولتفترض أنني عاملتها كما عامل بكلاند نظريته اللاهوتية الخاصة عندما تليت عليه أطروحة بريدجووتر ليصححها ... [الخطاب التالي، من السيدة بول، هو أحد الخطابات المشار إليها في الخطاب الأخير إلى السير جيه دي هوكر:]
سيدي العزيز هل ستسامحني على تجرئي على أن أسألك سؤالا لن يرضيني أن أتلقى الإجابة عنه من أحد سواك؟
هل تعتبر أن تبني نظريتك عن الانتقاء الطبيعي، بمعناها الأتم والأكمل بلا أي تحفظات، متضارب - لا أقول مع أي مخطط معين للعقيدة اللاهوتية - بل مع المعتقد التالي؛ ألا وهو:
أن الإنسان إنما يتلقى المعرفة بالوحي المباشر من روح الإله.
أن الإله كيان شخصي وخير بلا حدود.
أن تأثير أفعال روح الإله على عقل الإنسان تأثير أخلاقي على وجه التحديد.
أن كل إنسان لديه القدرة، ضمن حدود معينة، على أن يختار مدى خضوعه لدوافعه الحيوانية الموروثة، ومدى امتثاله لإرشادات الروح الإلهية التي توجهه إلى القدرة على مقاومة هذه الدوافع امتثالا لدوافع أخلاقية؟
ما دفعني إلى أن أسألك هذا السؤال هو أنني دائما ما كنت أرى أن نظريتك «متوافقة» تماما مع العقيدة التي حاولت التعبير عنها للتو، بل إن كتبك أمدتني بتلميحات ترشدني في تطبيق هذه العقيدة إلى حل بعض المشكلات النفسية المعقدة التي كان حلها يحمل أهمية عملية لي بصفتي أما. شعرت بأنك قد أتحت إحدى الحلقات المفقودة - بل ربما الحلقة المفقودة «الوحيدة» - بين حقائق العلم ووعود الدين. ثم إن تجربتي الحياتية في كل عام تميل إلى تعميق هذا الانطباع داخلي.
Unknown page