داون، 17 سبتمبر [1861؟]
عزيزي جراي
أشكرك بكل صدق على خطابك الطويل العلمي والسياسي الشائق جدا المؤلف من ثلاثة أجزاء بتاريخ 27 و29 أغسطس و2 سبتمبر، الذي تلقيته صباح اليوم. أتفق مع الكثير مما تقوله، وأتمنى من الرب أن نكون، نحن الإنجليز، مخطئين تماما فيما يراودنا من شكوك حيال: (1) ما إذا كان الشمال يستطيع غزو الجنوب، و (2) ما إذا كان الشمال لديه أصدقاء كثيرون في الجنوب، و(3) حيال ما إذا كنتم، أنتم يا نبلاء ماساتشوستس، محقين في نقل مشاعركم الطيبة الخاصة إلى رجال واشنطن. أقول مرة أخرى إننا نتمنى من الرب أن نكون مخطئين في التشكك بشأن هذه النقاط. النقطة الثالثة وحدها هي ما تجعل إنجلترا غير متحمسة لكم. لا أعرف ما قد يكون الوضع عليه في لانكشير، لكن في جنوب إنجلترا، ليس للقطن أي علاقة بشكوكنا. إذا تحقق انتصاركم متبوعا بإلغاء العبودية، فسيبدو العالم كله أكثر إشراقا في عيني، وعيون الكثيرين. إن وقف انتشار العبودية ومنع وصولها إلى الأقاليم فحسب سيكون مكسبا كبيرا، إذا أمكن ذلك دون الإلغاء، وهذا ما أشك فيه. ينبغي ألا تتعجب كثيرا من برود إنجلترا عندما تتذكر عدد المقترحات الكثيرة جدا التي طرحت في بداية الحرب لإعادة الأوضاع إلى حالتها القديمة مع الالتزام بحدود دائرة العرض القديمة، لكن يكفي هذا القدر من الحديث بخصوص هذه المسألة، كل ما أستطيع قوله إن ماساتشوستس والولايات المجاورة تحظى بالتعاطف الكامل من كل رجل صالح أقابله، وهذا التعاطف سيتسع ليشمل الولايات الفيدرالية كلها؛ إذا أمكن إقناعنا بأنهم يشاركونكم مشاعركم. ولكن يكفي هذا القدر من الحديث بخصوص هذه المسألة. فهي خارج نطاق اختصاصي، مع أنني قرأت كل كلمة من الأخبار، ودرست كتابات أولمستيد جيدا في الماضي ...
سؤالك عما قد يقنعني بمسألة التصميم محير. إذا رأيت ملاكا تنزل ليعلمنا الخير، واقتنعت أنني لست مجنونا عندما ينظر إليه آخرون فيرونه أيضا، فسوف أومن بوجود التصميم. إذا أمكن إقناعي إقناعا تاما بأن الحياة والعقل كانا معتمدين، بكيفية مجهولة ما، على قوى أخرى خفية، فسوف أقتنع. إذا كان الإنسان مصنوعا من نحاس أو حديد ولم يكن مرتبطا البتة بأي كائن حي آخر عاش على الإطلاق، فربما سأقتنع. غير أن هذه الطريقة في الكتابة طفولية فحسب.
أتراسل في الآونة الأخيرة مع لايل الذي، على ما أظن، يتبنى فكرتك عن أن تيار التباين موجه أو مصمم . لقد سألته (وهو يقول إنه سيفكر من هذه اللحظة فصاعدا ويجيبني) عما إذا كان يعتقد أن شكل أنفي قد صمم. إذا كان يعتقد ذلك، فليس لدي شيء آخر أقوله. أما إذا لم يكن كذلك؛ فبالنظر إلى ما فعله مربو الحيوانات بانتقاء فروق فردية في عظام أنوف الحمام، سوف أرى أن الافتراض القائل إن التباينات التي يحفظها الانتقاء الطبيعي مخطط لها ومقصودة من أجل مصلحة أي كائن، افتراض غير منطقي. بالرغم من ذلك، فأنا أعلم أني أعاني حالة التشوش نفسها (كما قلت من قبل) التي يبدو أن العالم كله يعانيها بخصوص مسألة الإرادة الحرة مقابل افتراض أن كل شيء متنبأ به ومحدد سلفا.
إلى اللقاء يا عزيزي جراي، مع جزيل الشكر على خطابك الممتع.
مراسلك العديم الرحمة
سي داروين
من تشارلز داروين إلى إتش دبليو بيتس
داون، 3 ديسمبر [1861]
Unknown page