130

ملكنا من نجد إلى قاع تونس

بطعن يورث العدا عطيبها.

كان أبو زيد ينتظر عقد ذلك الاجتماع المرتقب على أحر من الجمر لفك أسر سعدى بنة الزناتي التي ساعدت وأعطت الهلاليين الكثير، ولم تحصد سوى الحسرة والمهانة.

فسعدى كانت على الدوام تدمي مأساتها بسجن دياب مشاعر أبي زيد، وتجعله يشعر بالحزن والأسى، خاصة تلك الليلة التي زار فيها أبو زيد الهلالي مرعي عقب إصابته بالقيروان، فسأله متلهفا عنها بصوت خفيض وهو جريح ينزف: كيف حال سعدى؟ - بخير يا مرعي، في عيون الوالد والجازية والأهل.

وتنهد أبو زيد متكتما أخبارها الدامية عنه وهو لا يعرف كيف يخفي كذبه عنه، بينما أغمض مرعي عينيه على صورتها مستريحا متنهدا، معانيا من جراحه البليغة. - كان الله معك يا سعدى!

أما يونس فقد فاتحه أبو زيد بإسهاب حول كل ما حدث من جبر وتجاوزات دياب بن غانم مع سعدى، وكيف أنها أصبحت مهانة ذليلة بقصر والدها الزناتي الذي اعتلاه دياب عشية قتله، مستبيحا كل شيء وخاصة بالطبع ابنته تلك الصغيرة التي تشع إخلاصا، والتي أصبحت ترسف في أغلاله داخل زنزاناته ليل نهار منذ انتصار دياب على أبيها وقتله وترك جثته بالعراء تنهشها جوارح الطير.

وعندما سأله يونس ملتاعا مفزوعا عما يسمع عن سعدى العفيفة العطوف التي أبلت الكثير حفاظا عليهم، وكيف يحدث لها كل هذا وشقيقه الأصغر مرعي حبيبها طريح أقرب إلى الموت؛ طمأنه أبو زيد. وهنا لم يتمالك يونس عن السؤال الملح عن حبيبته وخطيبته عزيزة، وهو يعني بذلك كيفية تصرفها حيال صديقة صباها سعدى وما لحق بها من أهوال جسام، وأخبره أبو زيد مطمئنا مقترحا التعجيل بإرسال الأميرة عزيزة إليه هنا بالأندلس مكرمة كزوجة وحليلة، حتى يهنأ يونس بالا بقربها.

العزيزة ترعى أبناء الشهداء

وأخلف أبو زيد مكانه في حكم ولايات الأندلس ودويلاتها، لحين انتهائه من مهام الاجتماع بدياب مع والده السلطان بقرطاج قبل العودة إليه مجددا.

حتى إذا ما عاد أبو زيد إلى القيروان اجتمع من فوره بالسلطان حسن تمهيدا للمسير إلى دياب، ثم اختلى بعزيزة ناقلا إليها رغبة يونس برحيلها إليه ففرحت من فورها.

Unknown page