ترى، هل أجبتك؟!
فلنستبعد حكاية الزعامة
شغلت بتأمل طريقته في الكلام؛ هو أحد فنانينا الكبار الذين بمقدورهم أن يسيطروا على الكلمة المنطوقة، أكثرهم تتجلى عظمة مواهبهم عندما يمسكون بالقلم، لكنهم عندما يتكلمون فلا فرق بينهم وبين سائر الناس.
يوسف إدريس يتكلم بنفس البراعة التي يكتب بها، رأيته مرة في بيت رجاء النقاش «يحكي» لمن حوله عن مشكلة ما صادفت أحد معارفه؛ طريقة «الحكي» عنده تأخذ شكلا دراميا دون أن يقصد، كان يقدم في الحكاية أشياء ويؤخر تفاصيل، ثم يكشف عنها شيئا فشيئا، والذين يجلسون حوله يحبسون الأنفاس، وكلما توغل في «الحكي» ظهرت مفاجآت جديدة ومشوقات، كل هذه بطريقة عادية جدا وبلا جهد، والسؤال الخالد: «وماذا بعد؟» واضح على وجوه الجالسين.
إذن، قلت لنفسي لحظتئذ: أنت أمام قصاص بالسليقة؛ من غير المعقول أن يعقد لواء الزعامة في فن القصة القصيرة في عالمنا العربي لإنسان ما، ما لم يكن هذا الإنسان قد ولد ليكون قصاصا.
دكتور يوسف، اتفق النقاد، وبما يشبه الإجماع، على زعامتك للقصة العربية القصيرة، إلا أن الناقد الكبير جبرا إبراهيم جبرا يقول إن قصصك مبنية على «رؤية روائية»؛ بحيث تبدو القصة وكأنها «رواية مكثفة»؛ ومن ثم فهو يعتبرك روائيا لا كاتبا للقصة القصيرة، وهل ثمة «دفاع»؟!
رفع كفه إلى أعلى وقال بلهجة المحتج:
أولا:
فلنستبعد حكاية «الزعامة» هذه، ويكفينا ما يغص به عالمنا العربي من زعامات!
ثم أراح يده على المائدة وعاد إلى صوته الطبيعي.
Unknown page