231

الوجود ، مع أنه ليس بهذا الاعتبار متقدما على ابنه ، بل متأخر عنه ، ولا ذات الفاعل ، فإنه قد يكون قبل ، ومع ، وبعد.

وبالجملة : لا بد لعروض القبلية والبعدية من أمر يكون عروضهما له لذاته ؛ إذ كلصفة يتصف بها شيء أو أشياء لا بالذات ، فلا بد لها أن تنتهي إلى ما يتصف بها بالذات ؛ لاستحالة التسلسل ، ولا يجوز أن يكون المعروض بالذات للقبلية وللبعدية ، أمورا متفاصلة غير منقسمة يقتضي كل منها لذاته سبقا على لاحقه ، ولحوقا بسابقه ؛ إذ لو فرضنا متحركا نقطع بحركته مسافة تكون بين ابتداء حركته وانتهائها قبليات وبعديات متصرمة ومتجددة مطابقة لأجزاء المسافة والحركة ، فإذا تحقق قبليات وبعديات متفرقة متجددة على سبيل الاتصال والانطباق لأجزاء المسافة والحركة ، فيجب أن يكون المعروض بالذات لتلك القبليات والبعديات أمرا لا يزال متصرما ومتجددا على الاتصال ، بحيث يستحيل عليه انفكاك التصرم والتجدد عنه ، ويكون جزء منه لذاته قبل ، وجزء منه لذاته بعد ، ويمتنع لذاته صيرورة القبل منه بعدا ، والبعد منه قبلا ، وهذا هو المعني بالزمان.

* وصل

وأيضا إذا فرضنا حركة في مسافة معينة بقدر من السرعة والبطؤ ، وأخرى في تلك المسافة بذلك القدر من السرعة ، فإن توافقتا في الأخذ والترك ، بأن ابتدأتا معا ، وانتهيتا ، فلا محالة يقطعان المسافة معا ، وإن تخالفتا في الأخذ ، فبالضرورة تقطع الثانية أقل من الأولى، وكذا إن توافقتا في الأخذ والترك وكانت إحداهما أبطأ ، فإنها تقطع أقل ، فبين أخذ السريعة الأولى ، وتركها إمكان قطع مسافة معينة بسرعة معينة ، وإمكان قطع مسافة أقل منها ببطؤ معين ، وبين

Page 251