من الطبيعة ومراتبها وحدودها نسبة واحدة ، فهو المقوم لوجود تلك الأفراد ، والمحصل لنوعها ، والمقيم للمادة باشتراك الطبيعة ، والمكمل لجنسها نوعا طبيعيا ، فيكون صورتها المفارقة ، وهذا هو البرهان على ثبات الطبيعة.
وأيضا لا بد في الحركة من بقاء الموضوع ثابتا مع تبدل خصوصيات الحركة ، ووحدة المادة جنسية ، فلا بد من واحد ثابت ينحفظ به أصل الطبيعة وسنخها مع تبدل خصوصياتها ، فالطبيعة تنتظم ذاتها من جوهر ثابت عقلاني ، وجوهر متجدد مادي ، فلا محالة تكون الطبيعة متحدة الوجود بذلك الجوهر الثابت اتحادا معنويا ، تكون ذاتها ذاته ، وفعلها فعله ، مع كونه عقليا وكونها حسية.
* وصل
فكل شخص جوهري له طبيعة سيالة متجددة ، غير مستقر الذات ، وله أيضا أمر عقلي ثابت مستمر باق أزلا وأبدا في علم الله سبحانه ، ببقاء الله ، لا بإبقاء الله إياه ، فإن بين المعنيين فرقانا.
وذلك الأمر العقلي رب الطبيعة ، وسببها الفاعلي ، والله سبحانه رب الأرباب ، ومسبب الأسباب ، ونسبة ذلك الأمر إلى الطبيعة نسبة الروح الإنساني من حيث ذاته إلى الجسد ، فإن الروح الإنساني لتجرده من حيث الذات باق ، وطبيعة البدن أبدا في التجدد والسيلان والذوبان ، وإنما هو متجدد الذات الباقية بورود الأمثال ، والخلق لفي غفلة عن هذا ( بل هم في لبس من خلق جديد ) (1).
Page 204