250

============================================================

29 قيرى أن صرف العبودية فى ترك المنازعة للربوبية.

والله تعالى ذكر "النفس، فى كلامه القديم يثلاثة أوصاف: بالطمانينة، قال يايثها النفس المطميية(1).

وسماها لوامة، قال: (لا أقسم بيؤم القيامة ولا أفسم يالنفس اللوامة(2).

وسماها أمارة، فقال: ان النفس لأمارة بالسوء)(2.

وهى نفس واحدة.. ولها صفات متغايرة، فإذا امتلا القلب سكينة خلع على النفس خلع الطمأنينة، لأن السكينة مزيد الإيمان، وفيها ارتقاء القلب إلى مقام الروح لما منح من حظ اليقين.

وعند توجه القلب إلى محل الروح تتوجه النفس إلى محل القلب، وفى ذلك طمأنينتها.

وإذا انزعجت من مقار جبلاتها ودواعى طبيعتها متطلعة إلى مقار الطمأنينة فسهى لوامة؛ لأنها تعود باللائمة على تقسها لنظرها وعلمها بمحل الطمأتينة، ثم انجذابها إلى محلها التى كانت فيه أمارة بالسوء.

وإذا أقامت فى محلها لا يغشاها نور العلم والمعرفة، فهى على ظلمتها أمارة بالسوء.

فالنفس والروح يتطاردان؛ فتارة يملك القلب دواعى الروح، وتارة يملكه دواعى النفس.

وأما السر فقد أشار القوم إليه. ووجدت فى كلام القوم أن منهم من جعله بعد القلب وقبل الروح ومنهم من جعله بعد الروح وأعلى منها وألطف.

وقالوا: السر محل المشاهدة، والروح محل المحبة، والقلب محل المعرفة.

والسر الذى وقعت إشارة القوم إليه غير مذكور فى كتاب الله. وإنما المذكور فى كلام الله الروح والنفس وتنوع صفاتها، والقلب، والفؤاد، والعقل.

وحيث لم نجد في كلام الله تعالى ذكر السر بالمعنى المشار إليه، ورأينا الاختلاف فى القول فيه، وأشار قوم إلى أنه دون الروح، وقوم إلى أته ألطف من الروح ، فنقول والله أعلم-: الذى أسعوه سرا ليس هو بشىء مستقل بنفسه، له وجود وذات كالروح والنفس..

(1) آية رقم 27 من سورة الفجر.

(2) آية رقم 2 من سورة القيامة.

(3) آية رقم 3ه من سورة يوسف.

Page 250