============================================================
243 فلما حجيوا عن الأتبياء لم يسمعوا، وحيث لم يسمعوا لم يهتدوا، فأصروا على الجهالات، وحجبوا بالمعقول عن المأمول، والعقل حجة الله تعالى بهدى به قوما ويضل به قوما آخرين، فلم ننقل أقوالهم فى الروح واختلافهم فيه.
أما المستمسكون بالشرائع الذين تكلموا فى الروح، فقوم منهم بطريق الاستدلال والنظر، وقوم منهم بلسان الذوق والوجد، لا باستعمال الفكر، حتى تكلم فى ذلك مشايغ الصوفيسة أيضا، وكان الأولى الإمساك عن ذلك والتأدب بأدب النبى.
وقد قال الجنيد: الروح شيء استأثر الله تعالى بعلمه، ولا تجوز العبارة عنه بساكثر من (موجو، ولكن نجعل للصادفين محملا لأقوالهم وأفعالهم ويجوز أن يكون كلامهم فى ذلك بمثابة التأويل لكلام الله تعالى والآيات المنزلة، حيث حرم تفسيره وجوز تأويله. إذ لا يسع القول فى التفسير إلا تقل، وأما التاويل فتمتد العقول إليه بالباع الطويل، وهو ذكر ما تحتمل الآية من المعنى من غير القطع بذلسك. وإذا كان الأمر كذلك، فللقول فيه وجه ومحمل، قال أبو عيد الله التباحى: الروح جسم يلطف عن الحس، ويكبر عن اللمس، ولا يمسير عنه بأكثر من "موجود) وهو وإن منع عن العبارة، ققد حكم بأنه جسم، فكأنه عبر عنه.
وقال ابن عطاء الله: خلق الله الأرواح قيل الأجساد، لقوله تعالى: ولقد خلقنايم) يعنى الأرواح ل(ثم صورناكم يعنى الأجساد.
وقال بعضهم: الروح لطيف قائم فى كثيف، كالبصر جوهر لطيف، قائم فى كثيف، وفى هذا القول نظر.
وقال بعضهم: الروح عبارة، والقائم بالأشياء هو الحق وهذا فيه نظر أيضا، إلا أن يحمل على معنى الإحياء. فقد قال بعضهم: الإحياء صفة المحيى، كالتخليق صفة الخالق وقال: ل(قل الروح من أمر ريى) (1) . وأمره كلامه.
وكلامه ليس يمخلوق: أى صار الحى حيا بقوله: كن حيا.
وعلى هذا لا يكون الروح معنى فى الجسد.
فمن الأقوال ما يدل على أن قائله يعتقد قدم الروح، ومن الأقوال ما يدل على أنه يعتقد دويه (1) آية رقم 85 من سورة الإسراء.
Page 242