84

ويوشك أن يكون لها ضرام

فإن لم تطفها عقلاء قوم

يكون وقودها جثث وهام

فإن النار بالعودين تذكى

وإن الحرب أولها كلام

فقلت من التعجب ليت شعري

أأيقاظ أمية أم نيام؟

فلما ورد هذا الشعر على مروان لم يجب عليه بما يجب أن يجيب به الملك الحازم الحريص على ملكه المبقي على عرشه، من مبادرته بإرسال الكتائب والجيوش لكبح الثائرين على الملك، أو إعداده المعدات لإرسالها، وإنما كتب إلى نصر كتابا يمثل الضعف والاستسلام، وينبئ بجنوحه إلى سياسة القول والكلام - في موضع يتطلب تقلد الرمح والحسام - يقول فيه: «إن الحاضر يرى ما لا يرى الغائب، فاحسم أنت هذا الداء الذي قد ظهر عندك»، فقال نصر لأصحابه: «أما صاحبكم فقد أعلمكم أنه لا نصر عنده.» •••

يجب ألا يفوتنا أن نشير هنا إلى ناحية مهمة في خلق أبي مسلم تمثل ما يجب على القواد من الحزم والكتمان؛ فقد جاء في «كتاب المحاسن والمساوي» للبيهقي ما نصه: «قيل لأبي مسلم صاحب الدولة: بأي شيء أدركت هذا الأمر؟ فقال: ارتديت بالكتمان ، وائتزرت بالحزم، وحالفت الصبر، وساعدت المقادير، فأدركت ظني، وحزت حد بغيتي، وأنشد:

أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت

Unknown page