172

لهذا نميل إلى الافتراض كثيرا، بل إلى الترجيح بأن هذا الخبر والكثير من أمثاله ليس إلا أثرا من آثار الدعوة المأمونية التي كان لها من الأثر في ثل عرش الأمين، وتثبيت سلطان المأمون، ما لا يقل عن أثر عساكر المأمون وحزم قواده وحكمة مشيريه.

ويقول «ميور»: إن أهل بغداد قد ندموا وأسقط في أيدي جنودها لفتورهم في الدفاع عن الأمين، وعدم استبسالهم في الذود عنه. ويعزو مؤرخه الأستاذ «ويل» أسباب ندمهم هذا إلى سخاء الأمين وإسرافه فيما كان يغدق عليهم من الأموال والخيرات.

أما أنه كان سخيا بل مسرفا في السخاء فمما لا ريب فيه، ومهما افترضت المبالغة فيما سنرويه لك نقلا عن المظان الأدبية والمصادر التاريخية، فإن الصورة التي ستقع من نفسك مهما جعلتها متواضعة مقتصدة - وهذا ما نوصيك به دائما - كافية للاقتناع بأنه كان سخيا، بل مسرفا في السخاء .

يقول الأصفهاني في أغانيه: غنى إبراهيم بن المهدي ليلة محمدا الأمين صوتا في شعر أبي نواس:

يا كثير النوح في الدمن

لا عليها بل على السكن

سنة العشاق واحدة

فإذا أحببت فاستكن

ظن بي من قد كلفت به

فهو يجفوني على الظنن

Unknown page