وفي البحر أساطيل
وفي الجو أبابيل
إذا لم ينعه الأحيا
ء والدنيا أباطيل
نعاه في العزيزي
ة مدفون ومجدول
وجيل في حمى التاري
خ لا يشبهه جيل
ألا ما أصدق العقاد! أي جيل ذاك الذي أنبت كل هذه الأشجار السامقة الوارفة؟ اختر أي ميدان شئت وانظر تجد جيل أمين الرافعي هو علمها ومنارتها وجبالها الشماء وروحها ونبضها. لقد أذكى فيهم الاحتلال روح التحدي، وصمموا أن يصيحوا في وجه المحتل بعلمهم لا بصوتهم. اخرج من بلادنا فما نحن بحاجة إلى حضارتك؛ فنحن أعمق منك في أغوار التاريخ حضارة، وما نحن بحاجة إلى علمك فنحن قادرون على أن نكون أعظم منك علما وفنا وثقافة. والعجيب أنهم أثبتوا القول بالعمل وبلغوا ببلادهم وهي في ظل الاحتلال وفي فترة قصيرة ما تتقاصر أن تبلغه كثير من الدول الحرة وإن تطاولت بها السنون.
وقد كان أمين الرافعي واحدا من هذا الجيل المذهل، والحقيقة أن سني لم تسمح لي أن أعرف الرجل، ولكنني نشأت وأنا أسمع أبي يمتدحه بما لم يمدح به إنسانا آخر؛ فقد كان رحمه الله يرى فيه مثلا أعلى في الرجولة والوطنية وشرف الكلمة وعمق الرأي والزهد في الدنيا، والوقوف إلى جانب الحق وإن كان الموت هناك له بكل مرصد.
Unknown page