ـ[العرش وما رُوِي فيه]ـ
المؤلف: أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة العبسي (المتوفى: ٢٩٧هـ)
المحقق: محمد بن خليفة بن علي التميمي
الناشر: مكتبة الرشد، الرياض، المملكة العربية السعودية
الطبعة: الأولى، ١٤١٨هـ/١٩٩٨م
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مذيل بالحواشي]
Unknown page
العرش وما روي فيه
محمد بن عثمان بن أبي شيبة
دراسة وتحقيق: محمد بن خليفة التميمي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فما من بناء إلا وله أصل وأساس يقوم عليه، ديان أصل بناء الإسلام وأساسه الذي يقوم عليه هو توحيد الله، الذي يشتمل على معرفة الله تعالى باسمائه وصفاته، ومعرفة ما يجب له على عباده.
ومن المعلوم أن هذه المعرفة وهذا التوحيد لا يتحقق ولا يكون إلا عن طريق ما أنزله الله في كتابه، أو ما شرعه على لسان نبيه محمد ﷺ، إذ أن هذا هو السبيل الوحيد إلى ذلك، فالله ﷾ قد أتم لهذه الأمة أمر دينها وأكمله، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينا﴾ ١، كما أن نبيه ﷺ قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لأمته حتى تركها على المحجة البيضاء، فقد قال
_________
١سورة المائدة، الآية: ٣.
1 / 5
: " وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء"١، فما من سبيل إلى معرفة أمور هذا الدين إلا عن طريق الكتاب والسنة. ولقد كان لجانب توحيد الله الحظ الأوفر، والنصيب الأعظم، من ذلك البيان والإيضاح الذي جاءت به آيات القرآن ونصوص السنة المتواترة، ولقد عرف السلف من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم ذلك المنهج الذي يعرف به توحيد الله حق المعرفة، فطبقوه أتم التطبيق، فلذلك كان الكتاب والسنة هما المنبع الوحيد الذي يستمدون منه ما يجب عليهم تجاه خالقهم ﷿.
ولقد صنف كثير من السلف وبخاصة في القرنين الثالث والرابع الهجريين مؤلفات ورسائل كثيرة في مسائل أسماء الله وصفاته، فبينوا فيها ما يجب على المسلم تجاه هذا الأمر العظيم، وقد اعتمدوا في تصانيفهم تلك على نصوص القرآن والسنة، وقد كان من ضمن تلك المؤلفات كتاب "العرش" للحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وقد عالج المصنف- ﵀ في هذا الكتاب مسألة تعد من أهم مسائل الأسماء والصفات، بل ومن أهم مسائل العقيدة وأخطرها، ألا وهي: مسألة علو الله ﷿ على خلقه، واستوائه على عرشه.
ولقد وقع اختياري على "كتاب العرش " هذا لكي يكون هو موضوع رسالتي في مرحلة الماجستير، ولعل من أهم الأسباب والدوافع التي جعلتني أقدم على تحقيق الكتاب ما يلي:
_________
١سنن ابن ماجه: (٤/ ٤، حديث ٥) .
1 / 6
أولا: كونه يبحث في مسألة هي من أعظم المسائل التي ينبغي على المسلم معرفتها في باب الأسماء والصفات، وهي مسألة علو الله ﷿ واستوائه على عرشه، الثابتة في الكتاب والسنة المتواترة.
ثانيا: كون المؤلف قد سار على طريقة السلف ومنهجهم في تأليفه لهذا الكتاب، وذلك لاعتماده في مادة الكتاب على آيات من القرآن، وعلى الأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم.
ثالثا: رغبتي الشخصية في الاشتغال بتحقيق المخطوطات من تراث سلفنا الصالح، وبخاصة في مجال العقيدة، وذلك لكونها ترجع إلى الأصول الأولى المستمدة من الكتاب والسنة، ولخلوها من شوائب الفلسفة والانحراف.
رابعا: تشجيع أستاذي الشيخ حماد بن محمد الأنصاري لي على تحقيق هذا الكتاب، فقد أشار- جزاه الله خيرا - علي بان أقوم بتحقيق هذا الكتاب وإخراجه من حيز المخطوطات.
وبحمد من الله وفضل منه فقد قمت بتحقيق هذا الكتاب، ولم أواجه خلال عملي في إنجازه من الصعوبات التي تستحق الذكر، سوى ما واجهته في البحث عن أماكن بعض الأحاديث والآثار التي لم أقف على مكانها، وكذلك في تراجم الأعلام الواردة أسماؤهم في الكتاب، حيث لم أقف على تراجم بعضهم، بالرغم من أني بذلت من الجهد والوقت ما أستطيع.
1 / 7
المبحث الأول: أقوال نفاة الاستواء.
المبحث الثاني: أقوال مثبتة الاستواء.
وأما القسم الثاني من الدراسة فقد جعلته في التعريف بالمؤلف والكتاب والمخطوطة، وهو يشتمل على بابين - هما:
الباب الأول: التعريف بالمؤلف - وفيه فصلان:
الفصل الأول: عصر المؤلف.
وقد تعرضت فيه للأمور التالية:
أولا: الحالة السياسية.
ثانيا: الحالة الاجتماعية.
ثالثا: الحالة العلمية.
الفصل الثاني: سيرته الشخصية، وحياته العلمية.
وتكلمت فيه عن الجوانب التالية:
أولا: اسمه، وكنيته.
ثانيا: أصله.
ثالثا: مولده.
رابعا: أسرته.
خامسا: نشأته، وطلبه للعلم.
سادسا: ثقافته، وعلمه.
سابعا: شيوخه.
ثامنا: تلاميذه.
1 / 8