118

Caqli Wa Caqlak

عقلي وعقلك

Genres

فهنا أربع حقائق يقرأها القارئ فيقول: ما المغزى؟! ولماذا أهتم إذا كانت لهذه الحشرة 19 أو 18 زوجا من الأرجل.

وهو صادق في هذا الاعتراض، وهذه المعارف لو كلفناه استظهارها لكانت آلية لا ينتفع بها، ولكني أنا أهتم بها؛ لأني اهتممت بنظرية التطور منذ أربعين سنة، ولكل حقيقة من هذه الأربع مغزى في هذه النظرية؛ لأن اللجاة كانت من حيوان اليابسة الذي نزل إلى البحر، ولا تزال أولادها تحتاج إلى اليابسة، والسرطان بحري الأصل، ولذلك لا يزال يبيض في الماء، والقيطس على الرغم من أنه يعيش في الماء إنما هو حيوان يابسة في الأصل، له خمسة أصابع مثل جميع حيوانات اليابسة؛ كالإنسان والبقرة والغزال. وأخيرا هذه الحشرة التي تأكل الخشب في جزيرة كريستماس كانت في الأصل كالجنبري الذي لا تزال له 19 زوجا من الأرجل، وجميع هذه الحقائق توضح نظرية التطور وتبين الاشتراك العضوي بين الأحياء فلها قيمتها الكبرى عندي، ولكن ليست لها مثل هذه القيمة عند غيري.

وعلى هذا الأساس يجب أن تكون كل دراسة عضوية، وعلى هذا الأساس أيضا يجب أن ننقد البرامج والكتب التعليمية في المدارس والجامعات والثقافة عامة، فيجب أن نسأل: ما هي القيمة العضوية في مجتمعنا الحاضر لهذا الكتاب أو لهذه المادة الدراسية في المدارس الابتدائية الثانوية أو الابتدائية، أو لهذا الاتجاه الثقافي في إحدى الكليات؟

فالفائدة الأولى التي نتبعها في كل دراسة للفرد أو للمجتمع هي أن تتصل هذه الدراسة اتصالا عضويا بهذا الفرد أو بهذا المجتمع.

كي ندرس يجب أن نهتم، والاهتمام هو ثمرة هذا الاتصال العضوي الذي ذكرناه، وإليك هذه الأمثلة: (1)

شاب في سن المراهقة يهتم بقراءة كل ما يتصل بالنمو الجنسي، ورجل في سن الأربعين أو الخمسين لا يهتم بهذا الموضوع. (2)

شاب يخشى عدوى التدرن لضعف حقيقي أو وهمي في رئتيه يقرأ كتابا عن الدرن، وغيره السليم يرفض قراءته. (3)

في مدة الحرب نتهافت كلنا على قراءة الصحف، وقد يقرأ بعضنا الكتب عن هتلر وتشرشل، وفي أيام السلم لا نجد مثل هذا التهافت. (4)

في الأزمات السياسية الاقتصادية تكثر النظريات، ويعود كل منا اقتصاديا أو سياسيا، وفي غير الأزمات تؤدي الطمأنينة إلى ركود.

فهنا ظروف أزمة جعلتنا نهتم، وأدى الاهتمام إلى الدرس؛ أي إنه وجدت عندنا عاطفة الاستطلاع فأوجدت الرغبة في الدراسة.

Unknown page