أما السير آرثر ثومسون فهو يعول كثيرا على تخفف الكثافة المادية واقترابها من «اللاموزونات»؛ أي المعاني التي لا توزن كالفكر والعاطفة والعناية (Imponderables) ، ويقول إننا في زمن شفت فيه الأرض الصلب، وفقد فيه الأثير كيانه المادي، فهو أقل الأزمنة صلاحا للغلو في التأويلات المادية.
وفي جوابه للسائلين عن عقيدته قال في مجموعة أخرى هي مجموعة العلم والدين (Science and Religion) : ... إذا كان العلم صيغا وصفية وكان الدين في جانبه العقلي تفسيرا علويا أو خفيا فلا موجب للتعارض الحاسم بينهما.
وقد مهد لهذا التقابل بين العلم والدين بقوله: إن الإنسان قد أحس لزوم الدين كلما انتهى إلى قصاراه من العمل أو الحس أو التفكير. ثم قال:
ليس للعقل المتدين أن يأسف اليوم لأن العالم الطبيعي لا يخلص من الطبيعة إلى رب الطبيعة. إذ ليست هذه وجهته. وقد تكون النتيجة أكبر جدا من المقدمة إذا خرج العلماء بالاستنتاج من الطبيعة إلى ما فوق الطبيعة . إلا أننا خلقاء أن نغتبط لأن العلماء الطبيعيين قد يسروا للنزعة الدينية أن تتنفس في جو العلم حيث لم يكن ذلك يسيرا في أيام آبائنا وأجدادنا ... فإذا لم يكن عمل الطبيعيين أن يبحثوا في الله - كما زعم مستر لانجدون دافيز خطأ في كتابه البديع عن الإنسان وعالمه - فنحن نقرر عن روية وعن أن أعظم خدمة قام بها العلم أنه قاد الإنسان إلى فكرة عن الله أنبل وأسمى، ولا نجاوز المعنى الحرفي حين نقول إن العلم أنشأ للإنسان سماء جديدة وأرضا جديدة وحفزه من ثم إلى غاية جهده العقلي، فإذا به في كثير من الأحيان لا يجد السلام إلا حيث يتخطى مدى الفهم، وذاك في اليقين والاطمئنان إلى الله.
ومضى يقول: إن العقائد القديمة أحرى أن تعبر عن أصولها اليوم تعبيرا جديدا على هذا المثال:
في البدء كان العقل.
وكان العقل مع الله.
وكان العقل هو الله.
وكل شيء صنع من العقل.
وبغيره لم يصنع شيء مما صنع.
Unknown page