وقال الأستاذ مالكولم جرانت في كتابه «حجة جديدة في الكلام عن الله والخلود
A New Argument for God and Survival »:
نبدأ بفكرة الإله الرحيم فيتحدانا الكون الناقص، ولدينا أمام هذا التحدي ثلاثة مسالك مفتوحة: إنكار وجود الله كما فعل المغلظون في الإنكار، أو ننكر قدرته المطلقة على أحوال الطبيعة كما فعل ميل، أو ننكر صحة الشر كما فعلت مسز إدي.
هذه المسالك الثلاثة لا تقنع، فليس أمامنا إذن إلا أن نقول مع هيوم إن الله بمعزل عن سعادة الإنسان وشقائه، أو نعرف أسبابا مقنعة للإيمان بأن الشقاء الذي في الكون واعتقاد وجود الله لا يتناقضان.
والآن نرى أن الآلام والنقائص والشرور بعض السمات الملازمة للوجود، ولكن جوابنا للذين يحسبونها مانعة لوجود إله كامل أنهم يتجاهلون قيمة الشر، ويبالغون في قيمة السعادة التي تخلو من الألم، ومذهبهم هو مذهب القائلين بأن الرضى هو المثل الأعلى. ... ومن الخطأ أن نعلق كل قيمة الوجود على مقدار المتعة فيه ... فإن إنسانا لا خلاق له ... قد يجد من المتعة ما لا يجده نيوتن أو فنيلون، وما كانت المتعة تأتي على الدوام في قطار الصفات المتفق بين الناس على أنها قيم غالية. أما دواعي الشقاء فنحن نضعها في مقدارها حين نقول إنها غير قابلة للزيادة. فإذا وقع مليون إنسان وأصيبوا من الوقعة فذاك من حيث شأن الشقاء كوقوع إنسان واحد، وربما هالنا اتساع مدى الكارثة ولكننا لا ينبغي أن ننسى أن في الإنسان قوة تعمل على محوها كقوة الرغبة البالغة في الحياة وتلبية أحكام الحاضر الراهن، ولا حاجة إلى أكثر من رضى لحظة حاضرة لصد الطوفانات التي تتجمع من الأحزان السابقة، وإن عارضا طفيفا كيوم ربيع مشرق لينحي المأساة إلى الوراء بعيدا عنا، ولا يكلفنا أكثر مما فيها من المناقضة الساخرة.
ولست أريد أن أهون من شرور الوجود، وإنما أريد أن أقول إن الطبيعة تعمل لمحوها ومسحها، تاركة للإنسان من بعدها موازنة من الرضى والقناعة ...
إن تقدير قيمة الوجود إنما يقوم على قيمة الإنسان، وإذا كانت وطأة الحياة وما فيها من الشر تنزعان إلى تنمية الفكر والخلق، فالشر والألم لا يغضان من صفة الكرم في الله. إن القسطاس هنا هو القيمة المعنوية وليس المنفعة. وعلينا أن نتبين كرم الله من التدبير الذي نتبعه وراء الشر والألم، لا من الشرور والآلام في ذواتها. ... ولقد يكون سهلا - ومن ثم لا يساوي شيئا كثيرا - أن يخلق كون سعيد يحوي أناسا على أرفع حظ من الذكاء، وفي الشطرنج يدور اللعب على أخذ الملك وهي محاولة تتعب اللاعب الماهر، ولكنني أنا وأنت نستطيع أن نأخذ الملك - ولو كنا نلعب أمام «كبابلنكا» نفسه - إذا أغضينا عن قواعد اللعب وخطفنا الملك خطفة واحدة. ... ويلزمنا أن ننتهي إلى أن الكون - بالنظر إلى الله وإلينا - يشتمل على قيم تستند كثيرا إلى وجود المصاعب، ولا توجد هذه المصاعب إلا إذا أجرى الله عمله على قوانين تتحقق بها مشيئته.
ويلزم بعد هذا أن نعرض لمسألة هامة في هذا الصدد، وهي علاقة خلود الإنسان بالموضوع كله، فإن لم تكن للإنسان حياة أخرى فقد يتعذر الإيمان بإله يعنى بسعادة خلائقه، وما أكثر الذين يعفون من الشقاء المرهق ولكنهم يقصرون في الذكاء أو الخلق أو الخلقة أو الأغراض التي كانوا يحرصون على تحصيلها لو كانت حياتهم مقصورة على أمدها القصير في الدنيا ...
وقال إيونج (Ewing)
مدرس الأخلاق بكامبردج في كتابه عن «مسائل الفلسفة الأساسية
Unknown page