190

وجاء علي حتى مر بالأنبار ، فاستقبله دهاقنتها بنو خشنوشك (1) ثم جاؤوا يشتدون معه ، قال : ما هذه الدواب التي معكم؟ وما أردتم بهذا الذي صنعتم؟

قالوا : أما هذا الذي صنعنا هو خلق منا نعظم به الأمراء ، وأما هذه البراذين فهدية لك ، وقد صنعنا لك وللمسلمين طعاما ، وهيأنا لدوابكم علفا كثيرا ، قال (ع): أما هذا الذي زعمتم أنه منكم خلق تعظمون به الأمراء ، فوالله ما ينفع هذا الأمراء ، وأنكم لتشقون به على أنفسكم وأبدانكم ، فلا تعودوا له. وأما دوابكم هذه ، فإن أحببتم أن نأخذها منكم فنحسبها من خراجكم ، أخذناها منكم ، وأما طعامكم الذي صنعتم لنا ، فإنا نكره أن نأكل من أموالكم شيئا إلا بثمن.

قالوا : يا أمير المؤمنين ، نحن نقومه ثم نقبل ثمنه ؛ قال : إذن لا تقومونه قيمته ، نحن نكتفي بما دونه.

قالوا : يا أمير المؤمنين ، فإن لنا من العرب موالي ومعارف ، فتمنعنا أن نهدي لهم وتمنعهم أن يقبلوا منا؟ قال : كل العرب لكم موال ، وليس ينبغي لأحد من المسلمين أن يقبل هديتكم ، وإن غصبكم أحد فأعلمونا.

قالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا نحب أن تقبل هديتنا وكرامتنا. قال لهم : ويحكم ، نحن أغنى منكم! فتركهم وسار.

قصة الصخرة ، وصاحب الدير ، وإسلام الراهب

وعطش الناس وهم في طريقهم إلى صفين ، فانطلق علي (ع) مع بعض أصحابه حتى أتى على صخرة ضرس (2) من الأرض كأنها ربضة عنز (3) فأمرهم ، فاقتلعوها ، فخرج لهم ماء ، فشربوا وارتووا وشرب الناس منه ، ثم

Page 191