Cala Hamish Arsifa
على هامش الأرصفة
Genres
قال لمنى: لا تقلقي، الأمور ستصير على ما يرام، قريبا، قريبا جدا.
قالت لأمها: إنني أستخدم موانع الحبل.
قالت له: إذا، لماذا تزوجتني؟! هل تشفق علي؟!
قالت لها: طفلة ستسعدك، وتسر بالك، وتغير حياتك تماما، وسيحبك أكثر، ولن يغضب منك، فلا تستخدمي شيئا.
قال لها: لا تقلقي من أجلي. - ولكن من أجلي أنا، أنا أيضا، أليس ... أليس ... «أمل» تعرف أنهما منفصلان ولا علاقة جسدية بينهما، ولو أن منى تحاول أن تفهمها عكس ذلك.
ليلة مشبعة بدم الحزن والخوف، عميقة بغير غرار، كل شيء كان مستحيلا، حتى اللغة تباعدت حروفها، وانفرط عقد الكلام، ولأنها كانت ترغب بشدة أن تكون امرأة عادية كغيرها من النساء فقط بخلق مختلف؛ استطاعت أن تنجح في إجراء حوار حسي ذكي معه، واستخدمت إمكانيات جسدها المبعثرة على طول المسافة المستحيلة ما بين أخمص قدمها إلى خصلة شعرها؛ لتقنعه في نهاية الأمر بأن الطريق التي اختارها، هي الطريق نفسها التي يمشيها الآن، وأنه لا أحد آخر غيره هو.
ولأن خدمة المنزل فوق طاقة «أمل» الصغيرة، استأجر دكتور محمد اثنين من النازحين الفقراء، صبية في السادسة عشرة من عمرها؛ أي في عمر أمل، وأخ يكبرها بعام ونصف العام؛ ليقوما بنظافة المنزل وترتيب وتشذيب حديقته، التسوق والأمور البيتية الأخرى، وتفرغت أمل لمدرستها، ووضع الطعام، وأمور أختها الخاصة جدا.
ولكن ثورة «منى» شملت كل شيء بدءا من عاداتها الخاصة في التجوال والقراءة ومشاهدة الفيديو والإطعام، إلى آخر علاقاتها الزوجية، وشملت أيضا وضع الطفلين الفقيرين وخاصة البنت «محاسن»، فإن منى تريد أن تشارك مشاركة فعالة في ساقية الحياة بالبيت؛ لذا قررت أن تقوم ببعض الأعمال المنزلية، بالرغم من العناء البالغ الذي تلاقيه من جراء القيام بأقل مجهود يتطلب حركة عضلية ولو بسيطة وسهلة، إلا أنها كانت تصر على العمل، الحركة والحياة وبشدة؛ لذا فاجأت الصغيرة محاسن في تلك الأمسية: غدا لا تحضري. - لماذا يا ستي؟ هل أنا أخطأت في شيء؟ - لا، ولكني أستطيع القيام بكل ما تقومين به؛ غسل الملابس، كيها، كنس الحوش، نظافة المرحاض ... وكل شيء. - ولكني ... ولكني ... أين أعمل، والعيد قريب؟! - سأشتري لك ملابس العيد، وأعطيك أجر الشهر إلى أن تجدي عملا آخر، فقط آتي إلينا في الشهر مرتين.
قالت الصبية بطيبة قلب: ولكنك مريضة ولا ...
فقاطعتها في ثورة وكمن فقدت رشدها فجأة: اسكتي يا بنت يا قليلة الأدب، أنا لست مريضة، أنا قوية، هيا اغربي عن وجهي!
Unknown page