224

حدثنا ابن زكويه قال: حدثنا محمد بن راشد الخناق قال: حدثني إبراهيم بن المهدي قال: كنت نازلا مع المخلوع في مدينة المنصور أبي جعفر في قصره بباب الذهب لما حصره طاهر بن الحسين. فخرج ذات ليلة من القصر يريد أن يتفرج من الضيق الذي هو فيه, فصار إلى قصر في قرن الصراة أسفل من قصر الخلد في جوف الليل, ثم أرسل إلي فصرت إليه فقال لي: يا إبراهيم! أما ترى طيب هذه الليلة, وحسن هذا القمر في السماء -وصورة نوره في الماء؟! ونحن حينئذ على شاطئ دجلة- فهل لك في الشراب؟ فقلت: شأنك جعلني الله فداك. فدعا برطل/ من نبيذ فشربه, ثم إني سقيت مثله, فابتدأت أغنيه من غير أن يأذن لي لما أعلم من سوء خلقه بما أعلم أنه يحب أن يسمعه. فقال لي: ما تقول فيمن يضرب عليك؟ قلت: ما أحوجني إلى ذلك! قال: فدعا بجارية من جواريه مقدمة عنده, يقال لها: ضعف. قال: فتطيرت من اسمها للحال التي هو عليها. فلما صارت بين يديه قال لها: غني. فغنت بشعر للنابغة الجعدي:

كليب لعمري كان أكثر ناصرا ... وأيسر جرما منك ضرج بالدم

فاشتد عليه ما غنت به, وتطير منه, وقال لها: غني غير هذا. فغنت :

أبكى فراقهم عيني وأرقني ... إن التفرق للأحباب بكاء

Page 259