134

فقال له أبو مسلم: قد أحسنت المشورة يا أبا نصر! ولكني أخاف تثاقل أبي داود والحريش عن الشخوص. قال: فها هنا رأي آخر. قال: وما هو؟ قال: تنفذ إلى الري فتتقوى بما جمعت فيها من الأموال وآلة الحرب والعدة، ثم تتقحم على المصمغان صاحب دباوند، فإنه ليست له بنا يدان. فإذا صارت إلينا معاقله امتنعنا بها، ثم نناهض أصبهبذ طبرستان فإن أدركتنا آجالنا كان ذلك بأيدي أمة من أمم الشرك، وإن ظفرنا صرنا إلى مملكة وعز. قال أبو مسلم: هذا رأي إن وافقنا عليه من معنا من القواد. فقال له أبو نصر: فما دعاك إلى أن تخلع أبا جعفر، ولست على ثقة من أبي داود والحريش، ولا على ثقة ممن في عسكرك؟! أنا أستودعك الله من قتيل، وأتوجه إلى الري، فإن عاملك ابن عمي نصر بن عبد الحميد، وهو لك شيعة، ولأبي جعفر حرب، / وهو متخوف من أبي جعفر مثل الذي تتخوف. فأرجو أن يجتمع رأيي ورأيه على هذا الأمر الذي أشرت به عليك من غزو دباوند وطبرستان، وأستنجد عشيرتي بالري وقزوين.

قال أبو مسلم: فما تقول أنت يا أبا إسحاق؟ قال: أرى أن توجهني إلى أبي جعفر حتى أسأله لك الأمان، فأقدم به عليك! فإنك منه على إحدى منزلتين: إما صفح عنك، وإما عاجلك وأنت على شعبة من عزك من قبل أن ترى المذلة والصغار من أهل عسكرك. فإما صرت في أيديهم أسيرا وإما قتيلا، يركضون برأسك إلى المدائن.

قال أبو نصر مالك:/ يا أبا إسحاق أما إنه سيعمل برأيك، فإن أمره مدبر. وودع أبا مسلم متوجها إلى الري، وزهير بن التركي مولى خزاعة وال على همذان.

Page 165