وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أقول في الكلالة برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، وقد استدل من قال بالحق في جميعهم بقول الله تعالى: { وداوود وسليمان (إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين. ففهمناها سليمان) وكلا آتينا حكما وعلما } (¬1) فسماهما البارئ حكما وعلما فماذا بعد الحكم والعلم إلا الحق.
وقوله عليه السلام: «اقرؤوا القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف» (¬2) . واعلم أن الحق يسوغ عليها كلها وإنما الذي لا يسوغ فإن تكون صوابا كلها: إذا لا بد من الخطأ فيها عند الله بدليل قوله: { ففهمناها سليمان } (¬3) .
وأما الذين يقولون إن الحق في واحد وقد ضاق على الناس خلافه، وهو الأصم وبشر وابن/ عبلة، ومذهبهم أنه لا يجوز الاجتهاد إلا في أمر قد نصب الله عليه الدلالة فمن اخطأها فقد الحق. وضيقوا على الناس. يقال لهم: هل تقرون بالإجماع وتعتقدونه حجة، وأن إجماع هذه الأمة معصوم من الخطأ؟ ولا بد من ذلك لقول الله تعالى: { فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا ..... .......... مستقيم } (¬4) . ولقول رسول الله عليه السلام: «لن تجتمع أمتي على ضلالة» (¬5) . فإن أقروا قلنا: فقد اجتمعت الأمة على تسويغ القول بالاجتهاد وكيف يجتمعون على تسويغ "القول" (¬6) لكل مجتهد وفي بعض الأقاويل الخطأ، وهي معصومة من الإجماع على الخطأ ولا يسوغون ولا يقرون على الخطأ البتة، ولا ينهون عنه.
Page 269