56

Caddat Kalb

عضة كلب: مجموعة قصصية

Genres

حول علي وجهه نحو زوج أخته مصطفى. قال مصطفى: البقاء داخل المنازل خطر مؤكد، وقد تكون الأماكن المكشوفة أقل خطرا، والأمر من قبل ومن بعد بيد الله. خذ زوجتك وأولادك يا علي واتجه إلى الميدان في نهاية الشارع، وسوف نلحق بكم.

حول علي عينيه نحوي يلتمس المشورة، وبإيماءة يائسة وافقت على ما رآه مصطفى. فاض الدمع من عين زوجتي وأحاطت بذراعيها أطفال علي وزوجته فتشبثوا بها ينتحبون، خلصهم علي برفق واقتادهم إلى خارج المنزل، وهو يردد بلا انقطاع: سترك يا رب.

طلبت من مصطفى أن يلحق بهم، فرفض الخروج إلا بصحبتي أنا وجدة الأطفال.

كان الليل قد هبط وأخذ ضجيج الشارع في الخفوت، تبقت لدينا شمعة وحيدة تبعث الأمل وسط ظلام المنزل الحالك. كنا على وشك الخروج عندما ارتج باب المنزل بشدة ثم فتح قسرا، اقتحم المنزل أربعة من الشبان يحملون سيوفا ومطاوي وسكاكين كبيرة، ولا يظهر منهم إلا ظلال ملامحهم القبيحة. وقفنا في ذهول نرقب ما يحدث، وتعالت صرخات الأطفال وقد تعلقوا برقبة ليلى. لمح أحدهم الذهب الموضوع على المائدة فأسرع يجمعه في جيبه، وبلهجة آمرة: أين النقود؟

نهرتهم ليلى: سنموت جميعا بعد قليل. هل يفيدكم الذهب والمال بعد الموت؟!

تقدم نحوها أحدهم، قال: لم العجلة؟ مكاننا محجوز في جهنم، فلنستمتع في الساعات التي تبقت من عمرنا بالمال و... والجمال.

واقترب الشاب من ليلى وشدها إليه وهم باحتضانها، فاندفع مصطفى نحوه وقبض على عنقه، فأسرع نحوهما زميل له طعن مصطفى طعنة شقت بطنه وأخرجت أحشاءه فسقط صريعا. رفعت كرسيا وهاجمت به الشاب فخلص الكرسي من يدي وقذف به بعيدا، وبمطواة حادة أحدث بوجهي قطعا طويلا. تعالت صرخات ليلى وأمها والأطفال، فأسرع الأشقياء الأربعة بالخروج.

كان الدم يتدفق من جرحي بغزارة، لكن عيني كانتا مثبتتين على مصطفى وقد أحاطه الجميع يصرخون ويلطمون خدودهم. كنت مهزوما، ضعيفا، يائسا، يتملكني الإحساس بالعار لعجزي عن الدفاع عن أسرتي، تمنيت لو أمتلك سلاحا ناريا أعوض به وهن عضلاتي. وما هي إلا لحظات حتى أحسست بقدمي ترتعشان وتخوران من تحتي، وتهاويت على الأرض.

عندما استيقظت، أبصرت زوجتي تمسح وجهي بمنديل رطب، وليلى إلى جواري يحيط بها أحفادي. أفقت، سألت: ألم يحدث شيء حتى الآن؟

قالت ليلى: لم نجد أحدا ليساعدنا. أنت في حاجة إلى طبيب.

Unknown page