علق علي: أولو الأمر نفضوا أيديهم من الأمر.
وظل علي يقلب القنوات، وتوالت الأنباء كارثية: هروب المسئولين والأثرياء على متن سفن وطائرات إلى أماكن غير معلومة، حوادث قتل، سرقات لبنوك ومحلات كبيرة، اقتحام مساكن، حوادث طرق بالجملة. ثم بدأ الإرسال التليفزيوني ينقطع تماما لقناة إثر أخرى.
دخلت سمية على جماعة الرجال صارخة: هل اكتفيتم بمشاهدة التليفزيون؟! ألا تبحثون عن مخرج؟
انقطع التيار الكهربائي، قلت إن المياه ستنقطع بالضرورة، ورفع حسن سماعة التليفون ثم جرب تليفونه المحمول، وبصوت خفيض أخبرنا أن الاتصالات التليفونية قد قطعت.
جذبت سمية زوجها من ذراعه وكذلك ابنتها واتجهوا نحو باب المنزل، فتحته قائلة إنهم سيسافرون بسيارتهم إلى أي مكان، وبعد أن همت بالخروج توقفت تخاطب أمها: لم تعد بك حاجة لمصوغاتك الآن، لكننا سوف نحتاج إليها في ظرف كهذا.
قلت مستهجنا: هل قررت أننا سوف نموت وستبقين أنت على قيد الحياة؟!
سبها حسن ثم استطرد صارخا: هل الذهب ميراث خاص بك وحدك؟
نظرت زوجتي إلي دون أن تنطق تستأذنني فيما عزمت على فعله، استشفت موافقتي، فأسرعت إلى حجرتها وعادت تحمل صندوق مصوغاتها وقذفت به نحو سمية، فتبعثرت محتوياته تحت أقدامها، مالت سمية فالتقطت بعضها وجرت زوجها وابنتها جرا وخرجت وصفقت الباب خلفها. تقدم حسن فجمع متلهفا ما تبقى، ثم مترددا وضعه على المائدة، واستدعى زوجته وأبناءه واقتادهم إلى خارج المنزل دون أن ينطق بكلمة.
تهالكت على أحد المقاعد أكاد أفقد وعيي، فأحضرت لي الأم كوبا من الماء. سألني علي: ما العمل الآن يا أبي؟
أجبت مستسلما: لا راد لقضاء الله.
Unknown page