وكلهم قرشي جاهلي من طبقة السادة وأصحاب المال.
فحين نقول: إن خالدا كان مثال طبقته وعنوان المحافظة على مزايا هذه الطبقة يحسن بنا أن نتجه إلى تلك الخلائق الوسطى ونترقب منه نماذجها المشتركة التي لا غلو فيها من هنا أو هناك، حتى نرى دلائل الزيادة في خليقة من تلك الخلائق، فذاك إذن خاصته التي يتميز بها بين قرنائه ولا تخرجه من معهود الطبقة كلها على الإجمال.
ولا يتم الكلام على تراث بني مخزوم حتى نضيف إلى مزاياهم المختلفة مزية ملحوظة لها شأنها في كل مجتمع إنساني وليس شأنها بالقليل في حياة خالد على التخصيص.
فقد كانت هذه القبيلة - على كثرة الأقطاب بين رجالها - مشهورة بجمال النساء بين الحواضر العربية، وبقيت لها هذه الشهرة إلى ما بعد قيام الدولة العباسية، إذ كان يقال لأبي العباس السفاح: إن المخزوميات رياحين العرب، وعندك منهن يا أمير المؤمنين ريحانة الرياحين.
ولا بدع يكون هذا شان القبيلة التي نبغ منها خالد بن الوليد وعمر بن أبي ربيعة. فقديما كانت الفروسية والغزل والمرأة بيئة واحدة تتعاون فيها البطولة والشاعرية والجمال.
وصفوة هذا جميعه أن خالد بن الوليد قد دخل الإسلام بأوفى نصيب من حمية السيادة العربية في عهد الجاهلية، فصنع للإسلام وصنع الإسلام له الأعاجيب، وكان مقياس العبقرية العربية في عهدين متقابلين.
الفصل الثالث
نشأة خالد
خالد بن الوليد بن المغيرة أحد سبعة إخوة من الذكور وقيل عشرة، بل ثلاثة عشر بين ذكور وإناث، ومنهم أختان ...
وقد تقدم إجمال القول في شرف قومه ونصيب أعمامه خاصة من الرئاسة والزعامة. أما أبوه الوليد، فقد كان الرأس بين الرءوس والزعيم بين الزعماء، وكانت له في بعض نواحي خلقه وعقله لمحات تلك المواهب التي تجلت بعد ذلك في عبقرية ولده العظيم.
Unknown page