وإلى ذلك أشار عمر في قول صريح، حين قال لمن هابوه وتحدثوا بخوف الناس منه: «بلغني أن الناس هابوا شدتي، وخافوا غلظتي، وقالوا: قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله
صلى الله عليه وسلم
بين أظهرنا، ثم اشتد علينا وأبو بكر والينا دونه، فكيف وقد صارت الأمور إليه؟ ومن قال ذلك فقد صدق، فقد كنت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فكنت عبده وخادمه، وكان من لا يبلغ أحد صفته من اللين والرحمة، وكان كما قال الله:
بالمؤمنين رءوف رحيم ، فكنت بين يديه سيفا مسلولا حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، فلم أزل مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
على ذلك، حتى توفاه الله وهو عني راض، والحمد لله على ذلك كثيرا وأنا به أسعد، ثم ولي أمر المسلمين أبو بكر، فكان من لا ينكر دعته وكرمه ولينه، فكنت خادمه وعونه أخلط شدتي بلينه، فأكون سيفا مسلولا حتى يغمدني أو يدعني فأمضي، فلم أزل معه كذلك حتى قبضه الله - عز وجل - وهو عني راض، والحمد لله على ذلك كثيرا وأنا به أسعد، ثم إني قد وليت أموركم أيها الناس، فاعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت،
5
ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، فأما أهل السلامة والدين والقصد، فأنا ألين لهم من بعض لبعض.»
Unknown page