فصاحت: «إن يدك أقصر من أن تناله.»
قال سعيد: «يظهر أنك لم تعرفي من أنا، وسوف تعلمين.»
الفصل الثالث والسبعون
شد الوثاق
قال ذلك وأراد أن يتحول عنها ليتناول شيئا في غرفة أخرى، فسمع نباح الكلب، وكان ينبح إذا استغرب قادما، فأجفل سعيد وأنصت، وإذا بدبدبة خيول قد تعالت، فتركته الزهراء مشتغلا بالإنصات، وفتحت الباب ووثبت إلى الخارج، فتعثرت بالعتبة ووقعت، لكنها عادت فنهضت، وإذا بعشرات من الفرسان قد ملئوا البستان وفي مقدمتهم فارسان عرفت منهما ساهرا، فصاحت: «ساهر! ساهر! لله درك! عليكم بهذا الخائن أحيطوا بالمنزل واحذروا أن يفلت منكم.»
فهرولوا بأفراسهم حول المنزل وجاء بعضهم من ناحية الباب، فخرج إليهم سعيد وقد تبدلت سحنته وجحظت عيناه وقال لهم: «لا تزعجوا أنفسكم، ها أنا بين أيديكم لا أحمل سيفا ولا سكينا، ولا تخشوا فراري.» قال ذلك بهدوء وسكينة كأن شيئا لم يكن.
فتقدم إليه ساهر وخلفه جماعة قد صوبوا سيوفهم إلى سعيد وقال له ساهر: «تسمح لي أن أشد وثاقك؟»
فمد يديه وقال: «افعل.»
فأخذوا يشدون وثاقه وهو ينظر إلى ما بين يديه، فرأى عابدة بينهم فقال: «عابدة، وأنت أيضا؟»
فلم تجبه، ولكنها تقدمت إلى الزهراء وأخذت تخفف عنها، فسألتها الزهراء عن الناصر فقالت: «هو بخير.» فقالت عابدة: «ولكن كيف جئت مع هذا اللعين؟»
Unknown page