فرعاه الملك بالعطف، وأجلسه على كرسي قريب منه، وقال له: كيف لم أرك من قبل، وقد سبقتني إلى نور هذه الدنيا بسبعين عاما؟
فأجابه الساحر المعمر بامتنان قائلا: وهبك الرب الحياة والصحة والقوة، إن مثلي لا يحظى بالمثول بين يديك إلا إذا دعوته.
فابتسم الملك، ثم نظر إليه باهتمام وسأله: أحقا أن لك معجزات يا ديدي؟ أحقا أنك تستطيع أن تذعن لإرادتك الإنسان والحيوان، وأن تجلو عن وجه الزمان غشاوة الغيب؟
فأحنى الرجل رأسه حتى انثنت لحيته على صدره، وقال: هذا حق وصدق يا مولاي.
فقال الملك: أريد أن أشهد بعض هذه المعجزات يا ديدي.
وجاءت الساعة الرهيبة، فاتسعت العيون وبدا الاهتمام على الوجوه، ولم يبادر ديدي إلى عمله، ولكنه جمد مليا كأنما تحول إلى تمثال، ثم ابتسم عن أنياب حادة وألقى نظرة سريعة على الوجوه.
وقال للملك: عن يميني يخفق قلب لا يؤمن بي.
فدهش الصحابة وتبادلوا نظرات الحيرة، وسر الملك لفراسة الساحر وسأل رجاله قائلا: هل بينكم من ينكر على ديدي معجزاته؟
وهز القائد أربو منكبيه استهانة، وتقدم بين يدي الملك وقال: مولاي، إني لا أومن بألاعيب السحر، وأرى أنها نوع من المهارة يحذقه المتفرغون له.
فقال الملك: وما جدوى الكلام وأمامنا الرجل؟ هاتوا له أسدا مفترسا نطلقه عليه، ولنر كيف يروضه بسحره ويذعنه لإرادته.
Unknown page