قلت: «إني؟»
قالت: «نعم، إنك ... أعني ... إني لست أعرف لمن أنا مدينة بهذا الجميل؟»
قلت: «آه. صحيح ... كلا ... لا فضل ولا جميل ... لا لا لا ... لا شيء.» وسخطت على نفسي جدا؛ فقد كان واضحا أنها تسألني عن اسمي وما إلى ذلك، فجاء جوابي كأني لا أرتاح إلى تعريفها شيئا منه، وأحر بهذا أن يصدمها ويفتر ما بيننا.
ثم قالت: «ألا تتفضل معي قليلا؟»
وأشارت إلى بيت، فقلت: «هذا مسكنك؟»
قالت: «نعم، تفضل، فإن أمي يسرها أن تشكر لك صنيعك، وأظنها تحب بوبي أكثر مما تحبني.»
وضحكت، فقلت: «في وقت آخر ... لا موجب للشكر ... ما فعلت إلا ما يفعله أي إنسان.»
وصافحتها وانصرفت مسرعا، وبودي أن أجرد من نفسي شخصا أظل ألعنه وألكمه حتى أشفي غيظي، فما أذكر أني كنت قط أسخف مني في ذلك اليوم، وإني لثرثار في العادة، ولست أتهيب المرأة أو أجهل طبيعتها، فمن أين جاءني هذا البكم؟ وماذا عسى أن تقول عني هذه الفتاة؟ وكيف لم يخطر لي كلام إلا: «إني أحب الكلاب»؟
وآليت - من فرط سخطي على نفسي وخجلي من عيي وفهاهتي - أن أجنب السير في هذا الطريق، وحرصت على ذلك أشد الحرص، ومضت أيام لا أذكر عددها، ونسيت الحكاية، وصرفتني عن الحياة مطالب الدنيا ومشاغل الحياة، ثم اتفق لي أن ركبت «الأمنيبوس» مرة أخرى في هذا الطريق عينه، مع صديق لي، وكان قد دعاني إلى العشاء، فلما بلغت المكان هجمت علي الذكرى، فانتفضت قائما، وقلت لصديقي سألحق بك فامض أنت.
قال: «إلى أين؟»
Unknown page