(قال الفقيه) رحمه الله: روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: أول شيء خلقه الله تعالى القلم فأبعد ما شاء لله فنقط نقطة فسالت ألفا فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم خلق السمكة فكبس الأرض عليها، ويقال قبل أن يخلق الله الأرض كان موضع الأرض كلها ماء فاجتمع الزبد في موضع الكعبة فصارت ربوة حمراء كهيئة التل وكان ذلك يوم الأحد، ثم ارتفع بخار الماء كهيئة الدخان حتى انتهى إلى موضع السماء فجعله الله تعالى درة خضراء وخلق منها السماء فلما كان يوم الاثنين خلق الشمس والقمر والنجوم ثم بسط الأرض من تحت الربوة فذلك قوله تعالى: {خلق الأرض في يومين} وقال في موضع آخر: {أم السماء بناها. رفع سمكها فسواها. وأغطش ليلها وأخرج ضحاها. والأرض بعد ذلك دحاها} وخلق يوم الثلاثاء دواب البحر والبر والطير، وفجر يوم الأربعاء الأنهار وسخر البحار وأنبت الأشجار وقسم الأرزاق وقدر الأقوات فذلك قوله عز وجل: {وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام} ويقال كانت الأرض تميد على الماء فخلق فيها الجبال الثوابت وجعلها أوتادا للأرض فاستقرت، وخلق يوم الخميس الجنة والنار، ثم خلق آدم عليه السلام يوم الجمعة، وخلق في السماء اثني عشر برجا وهو قوله تعالى: {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} وقال {والسماء ذات البروج} وأسماء البروج: حمل، ثور، جوزاء، سرطان، أسد، سنبلة، ميزان، عقرب، قوس، جدي، دلو، حوت. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: القمر أربعون فرسخا في أربعين فرسخا، والشمس ستون فرسخا في ستين فرسخا، وكل نجم مثل جبل عظيم في الدنيا. وقال بعضهم: الشمس مثل عرض الدنيا ولولا ذلك لما أشرقت الدنيا كلها، وكذلك القمر. وعن ابن عباس أنه قال: النجوم معلقة بالسماء كهيئة القناديل. وقال بعضهم: هي مكوكبة في السماء بمنزلة الكواكب في الأبواب والصناديق. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الرعد اسم ملك يزجر السحاب، والصوت الذي يسمع الناس هو صوت الملك)) ويقال الصاعقة مخاريق في أيدي الملائكة يزجرون السحاب، ويقال ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام، وما بين المشرق والمغرب مسيرة خمسمائة عام أكثرها مفاوز وجبال وبحار، وقليل منها العمران، ثم أكثر العمران الكفار وقليل منها الإسلام، وحول الدنيا ظلمة ثم وراء الظلمة جبل قاف وهو محيط بالدنيا، وهو من زمرد أخضر وأطراف السماء ملصقة به، ويقال ما من جبل في الدنيا إلا وعرق من عروقه يتصل بقاف، فإذا أراد الله تعالى إهلاك قوم أمر الملك فيحرك عرقا من عروقها فخسف بهم. وروى ابن بريدة عن أبيه أنه قال: سماء الدنيا موج مكفوف، والثانية زمردة بيضاء، والثالثة من حديد، والرابعة من صفر، والخامسة من نحاس، والسادسة من فضة، والسابعة إلى الحجب من ذهب، وما بين السماء السابعة والتي قبلها بحار من نور. وعن كعب أنه قال: السابعة من ياقوتة، وهذا كله قول أهل التوحيد سوى أقاويل أهل النجوم، والله أعلم.
الباب الحادي عشر بعد المائة: في أسماء الجنان والنيران
Page 388