وجدّك أبيض القرنين داج ... أسير الذّلّ والعطش الطّويل
وعبد الله بن عبد الأعلى هو الذي يقول:
من هنا لي من صديق فليعد ... ليعدني إنّني اليوم كمد
من هموم تركتني قلقا ... قلق المحور بالقبّ المسد [١]
ليت شعري ولليت نبوة ... أين صار الرّوح مذ بان الجسد [٢]
بينما المرء شهاب ثاقب ... ضرب الدهر سناه فخمد
ولبيب أيّد ذي حنكة ... مستوي المرّة مأمون العقد [٣]
غاله الدّهر وغطى حزمه ... وانتضاه من عديد وولد [٤]
وهو الذي يقول:
يا ويح هذي الأرض ما تصنع ... لكل حيّ فوقها مصرع
تزرعهم حتّى إذا ما أنوا ... عادت لهم تحصد ما تزرع [٥]
[١] المحور: العود الذي تدور عليه البكرة، وربما كان من حديد. والقبّ، بالباء الموحدة: الخرق الذي في وسط البكرة. وفي الأصل: «بالقت»، ولا وجه له، والمسد:
المحور إذا كان من حديد. فهو صفة للمحور. وقد فصل بين الصفة والموصوف بمتعلق عامل الموصوف.
[٢] في الأصل: «ولليت بنوه»، صوابه ما أثبت. والمراد: ما كل ما يتمني المرء يدركه.
والنبوة هنا: المجاوزة وعدم الإصابة. وبان الروح الجسد: فارقه. يقال بان الشيء وبنته أنا، يلزم ويتعدى. والروح يذكر ويؤنث.
[٣] اللبيب: العاقل. والأيد، كسيد: القوى. والحنكة: تمام العقل بطول التجربة.
وفي الأصل: «اسدى»، والوجه ما أثبت. وقد نشأ التحريف من التصاق الكلمتين. والمرة:
القوة وشدة العقل. وفي الحديث: «لا تحل الصدقة لغنيّ، ولا لذي مرة سويّ» .
[٤] انتضاه من بينهم: أخرجه بحادث الموت، كما ينتضى السيف من غمده.
[٥] أنوا: حان حينهم. يقال أنى الرحيل أي حان وقته.