{كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فاتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين * فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون} فجادلهم بكتابهم الذي يقرون بفرض ما فيه ووجوبه عليهم، # وأعلمهم أنهم إذا حرموا على أنفسهم ما لم يحرمه الله - عز وجل - في كتابهم الذي هذه سبيله في وجوب التسليم، فقد ظلموا واعتدوا وهذا لازم لهم.
وقد قلنا: إن الجدل إنما يقع في العلة من بين سائر الأشياء المسئول عنها، وليس يجب على المسئول الجواب إلا بعد [أن] يستأذن في السؤال، فإن لم يأذن له في ذلك، وليس ينسب إلى انقطاع ولا محاجزة، فإن أذن له فقد لزمه الجواب، وإن قصر نسب إلى العجز. وطلب العلة يكون على وجهين: إما أن تطلبها وأنت لا تعلمها لتعلمها، وإما أن نطلبها وأنت تعلمها ليقر لك بها. وليس لك أن تجادل أحدا في حق يدعيه إلا بعد مسائلته عن العلة فيما ادعاه فيه، فإن كان علمك بعلته قد تقدم في شهرة مذهبه، فالأحواط أن تقره بما بني عليه أمره، لئلا يجحد بعض ما ينتحله أهل مذهبه إذا أوقف عليه الكلام، ويدعي أنه يخالفهم فيه، فإن أمنت منه ذلك فلا عليك أن تجادله وإن لم تقره بعلته.
واثنان لا يلزمك منهما سؤال، ولا يجب لهما عليك جواب:
أحدهما: من سألك عن العلة في شيء ادعيته فأخبرته بها، وهي مما يجوز أن يعلل ذلك الشيء بمثله فطالبك بعلة العلة، فمطالبته في ذلك غير لازمة، ومساءلته ساقطة، لأن ذلك يوجب [أن] يطالب لعلة العلة بعلة، ثم كذلك إلا ما لا نهاية.
Page 180