282

Al-Burhān fī ʿulūm al-Qurʾān

البرهان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Edition

الأولى

Publication Year

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

مَا فَوْقَهَا يَسِيرًا يَسِيرًا تَيْسِيرًا مِنَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ لِحِفْظِ كِتَابِهِ فَتَرَى الطِّفْلَ يَفْرَحُ بِإِتْمَامِ السُّورَةِ فَرَحَ مَنْ حَصَلَ عَلَى حَدٍّ مُعْتَبَرٍ وَكَذَلِكَ الْمُطِيلُ فِي التِّلَاوَةِ يَرْتَاحُ عِنْدَ خَتْمِ كُلِّ سُورَةٍ ارْتِيَاحَ الْمُسَافِرِ إِلَى قَطْعِ المراحل المسماة مرحلة بعد مرحلة أخرى إلى أَنَّ كُلَّ سُورَةٍ نَمَطٌ مُسْتَقِلٌّ فَسُورَةُ يُوسُفَ تُتَرْجِمُ عَنْ قِصَّتِهِ وَسُورَةُ بَرَاءَةَ تُتَرْجِمُ عَنْ أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ وَكَامِنِ أَسْرَارِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ
فَإِنْ قُلْتَ: فَهَلَّا كَانَتِ الْكُتُبُ السَّالِفَةُ كَذَلِكَ؟ قُلْتُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُعْجِزَاتٍ مِنْ نَاحِيَةِ النَّظْمِ وَالتَّرْتِيبِ وَالْآخَرُ أَنَّهَا لَمْ تُيَسَّرْ لِلْحِفْظِ
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْفَوَائِدُ فِي تَفْصِيلِ الْقُرْآنِ وَتَقْطِيعِهِ سُوَرًا كَثِيرَةٌ وَكَذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَمَا أَوْحَاهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِ مُسَوَّرَةً وَبَوَّبَ الْمُصَنِّفُونَ فِي كُتُبِهِمْ أَبْوَابًا مُوَشَّحَةَ الصُّدُورِ بِالتَّرَاجِمِ مِنْهَا أَنَّ الْجِنْسَ إِذَا انْطَوَتْ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ وَأَصْنَافٌ كَانَ أَحْسَنَ وَأَفْخَمَ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَابًا وَاحِدًا وَمِنْهَا أَنَّ الْقَارِئَ إِذَا خَتَمَ سُورَةً أَوْ بَابًا مِنَ الْكِتَابِ ثُمَّ أَخَذَ فِي آخِرِهِ كَانَ أَنْشَطَ لَهُ وَأَبْعَثَ عَلَى التَّحْصِيلِ مِنْهُ لَوِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْكِتَابِ بِطُولِهِ وَمِثْلُهُ الْمُسَافِرُ إِذَا قَطَعَ مِيلًا أَوْ فَرْسَخًا وَانْتَهَى إِلَى رَأْسِ بَرِّيَّةٍ نَفَّسَ ذَلِكَ مِنْهُ وَنَشَّطَهُ لِلْمَسِيرِ وَمِنْ ثَمَّةَ جُزِّئَ الْقُرْآنُ أَجْزَاءً وَأَخْمَاسًا وَمِنْهَا أَنَّ الْحَافِظَ إِذَا حَذَقَ السُّورَةَ اعْتَقَدَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ طَائِفَةً مُسْتَقِلَّةً فَيَعْظُمُ عِنْدَهُ مَا حَفِظَهُ وَمِنْهُ حَدِيثُ أَنَسٍ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وآل عِمْرَانَ جَلَّ فِينَا وَمِنْ ثَمَّ كَانَتِ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ بِسُورَةٍ أَفْضَلَ وَمِنْهَا أَنَّ التَّفْصِيلَ يُسَبِّبُ تَلَاحُقَ الْأَشْكَالِ وَالنَّظَائِرِ وَمُلَاءَمَةَ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَبِذَلِكَ تَتَلَاحَظُ الْمَعَانِي وَالنَّظْمِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ من الفوائد

1 / 265