Al-Burhān fī ʿulūm al-Qurʾān
البرهان في علوم القرآن
Editor
محمد أبو الفضل إبراهيم
Publisher
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِنَّمَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بِالْمَعَانِي خَاصَّةً وَأَنَّهُ ﷺ عَلِمَ تِلْكَ الْمَعَانِيَ وَعَبَّرَ عَنْهَا بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَإِنَّمَا تَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ﴾
وَالثَّالِثُ: أَنَّ جِبْرِيلَ ﷺ إِنَّمَا أَلْقَى عَلَيْهِ الْمَعْنَى وَأَنَّهُ عَبَّرَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ وَأَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ يَقْرَءُونَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ ثُمَّ إِنَّهُ أُنْزِلَ بِهِ كَذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَإِنْ قِيلَ: مَا السِّرُّ فِي إِنْزَالِهِ جُمْلَةً إِلَى السَّمَاءِ قِيلَ فِيهِ تَفْخِيمٌ لِأَمْرِهِ وأمر من نزل عليه وذلك بإعلان سكان السموات السَّبْعِ أَنَّ هَذَا آخِرُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى خَاتَمِ الرُّسُلِ لِأَشْرَفِ الْأُمَمِ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ إِلَيْهِمْ لِيُنْزِلَهُ عَلَيْهِمْ وَلَوْلَا أَنَّ الْحِكْمَةَ الْإِلَهِيَّةَ اقْتَضَتْ نُزُولَهُ مُنَجَّمًا بِسَبَبِ الْوَقَائِعِ لَأَهْبَطَهُ إِلَى الْأَرْضِ جُمْلَةً
فَإِنْ قِيلَ: فِي أَيِّ زَمَانٍ نَزَلَ جُمْلَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا بَعْدَ ظُهُورِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ أَمْ قَبْلَهَا قُلْتُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَبْلَهَا وَكِلَاهُمَا مُحْتَمَلٌ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَوَجْهُ التَّفْخِيمِ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا فَفَائِدَتُهُ أَظْهَرُ وَأَكْثَرُ
فَإِنْ قُلْتَ: فَقَوْلُهُ ﴿إِنَّا أنزلناه في ليلة الْقَدْرِ﴾ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ الَّذِي نَزَلَ جُمْلَةً أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فَمَا نَزَلَ جُمْلَةً؟ وَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَمَا وَجْهُ صِحَّةِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ قُلْتُ ذَكَرَ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْكَلَامِ مَا حَكَمْنَا بِإِنْزَالِهِ فِي الْقَدْرِ وَقَضَائِهِ وَقَدَّرْنَاهُ فِي الْأَزَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
وَالثَّانِي أَنَّ لَفْظَهُ لَفْظُ الْمَاضِي وَمَعْنَاهُ الِاسْتِقْبَالُ أَيْ يَنْزِلُ جُمْلَةً فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَاخْتِيرَ لَفْظُ الْمَاضِي إِمَّا لِتَحَقُّقِهِ وَكَوْنِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ حَالَ اتِّصَالِهِ بِالْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ يَكُونُ الْمُضِيُّ فِي مَعْنَاهُ مُحَقَّقًا لِأَنَّ نُزُولَهُ مُنَجَّمًا كَانَ بَعْدَ نُزُولِهِ جُمْلَةً
1 / 230