190

Al-Burhān fī ʿulūm al-Qurʾān

البرهان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Edition

الأولى

Publication Year

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

أَحَدِهِمَا: أَنَّ هَذَا عِلْمٌ مَسْتُورٌ وَسِرٌّ مَحْجُوبٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ وَلِهَذَا قَالَ الصِّدِّيقُ ﵁ فِي كُلِّ كِتَابٍ سِرٌّ وَسِرُّهُ فِي الْقُرْآنِ أَوَائِلُ السُّوَرِ قَالَ الشَّعْبِيُّ إِنَّهَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ نُؤْمِنُ بِظَاهِرِهَا وَنَكِلُ الْعِلْمَ فِيهَا إِلَى اللَّهِ ﷿.
قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ وَقَدْ أَنْكَرَ الْمُتَكَلِّمُونَ هَذَا الْقَوْلَ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا يَفْهَمُهُ الْخَلْقُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِتَدَبُّرِهِ وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إِلَّا مَعَ الْإِحَاطَةِ بِمَعْنَاهُ وَلِأَنَّهُ كَمَا جَازَ التَّعَبُّدُ بِمَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فِي الْأَفْعَالِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ فِي الْأَقْوَالِ بِأَنْ يَأْمُرَنَا اللَّهُ تَارَةً بِأَنْ نَتَكَلَّمَ بِمَا نَقِفُ عَلَى مَعْنَاهُ وَتَارَةً بِمَا لَا نَقِفُ عَلَى مَعْنَاهُ وَيَكُونُ الْقَصْدُ مِنْهُ ظُهُورَ الِانْقِيَادِ وَالتَّسْلِيمِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا مَعْلُومٌ وَذَكَرُوا فِيهِ مَا يَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ وَجْهًا فَمِنْهَا الْبَعِيدُ وَمِنْهَا القريب
أحدها وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْهَا مَأْخُوذٌ مِنِ اسْمٍ من أسمائه سبحانه فالألف من الله واللام من لطيف والميم من مجيد أو الألف من آلائه واللام من لطفه والميم مَنْ مَجْدِهِ
قَالَ ابْنُ فَارِسٍ وَهَذَا وَجْهٌ جَيِّدٌ وَلَهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ شَاهِدٌ
قُلْنَا لَهَا قِفِي فَقَالَتْ ق فَعَبَّرَ عَنْ قَوْلِهَا وقفت بق
الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ بِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ مُحَمَّدٌ هُوَ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ لَا شَكَّ فِيهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَلَالَةِ قَدْرِ هَذِهِ الْحُرُوفِ إِذْ كَانَتْ مَادَّةَ البيان وما في كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ بِاللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَهِيَ أُصُولُ كَلَامِ الْأُمَمِ بِهَا يَتَعَارَفُونَ وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِ: ﴿الْفَجْرِ﴾ ﴿وَالطُّورِ﴾ فَكَذَلِكَ شَأْنُ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي الْقَسَمِ بِهَا

1 / 173