Burhan Fi Culum Quran
البرهان في علوم القرآن
Investigator
محمد أبو الفضل إبراهيم
Publisher
دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م
بِهَذَا دُونَ يَا بَنِي يَعْقُوبَ وَسِرُّهُ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا خُوطِبُوا بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَذُكِّرُوا بِدِينِ أَسْلَافِهِمْ مَوْعِظَةً لَهُمْ وَتَنْبِيهًا مِنْ غَفْلَتِهِمْ سُمُّوا بِالِاسْمِ الَّذِي فِيهِ تَذْكِرَةٌ بِاللَّهِ فَإِنَّ إِسْرَائِيلَ اسْمٌ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي التَّأْوِيلِ وَلِهَذَا لَمَّا دَعَا النَّبِيُّ ﷺ قَوْمًا إِلَى الْإِسْلَامِ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ إن الله قد حسن اسْمَ أَبِيكُمْ يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اسْمُهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَلَمَّا ذَكَرَ مَوْهِبَتَهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَتَبْشِيرَهُ بِهِ قَالَ يَعْقُوبَ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهَا مَوْهِبَةٌ تَعْقُبُ أُخْرَى وَبُشْرَى عَقَّبَ بِهَا بُشْرَى فَقَالَ: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إسحاق يعقوب﴾ وَإِنْ كَانَ اسْمُ يَعْقُوبَ عِبْرَانِيًّا لَكِنَّ لَفْظَهُ مُوَافِقٌ لِلْعَرَبِيِّ مِنَ الْعَقِبِ وَالتَّعْقِيبِ فَانْظُرْ مُشَاكَلَةَ الِاسْمَيْنِ لِلْمَقَامَيْنِ فَإِنَّهُ مِنَ الْعَجَائِبِ
وَكَذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَ اللَّهُ نُوحًا سَمَّاهُ بِهِ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْغَفَّارِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى كَثْرَةِ نَوْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ عِيسَى ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسمه أحمد﴾ وَلَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحَمَّدًا حَتَّى كَانَ أَحْمَدَ حَمِدَ رَبَّهُ فَنَبَّأَهُ وَشَرَّفَهُ فَلِذَلِكَ تَقَدَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَذَكَّرَهُ عِيسَى بِهِ
وَمِنْهُ أَنَّ مَدْيَنَ هُمْ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ إِلَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَيْثُ أَخْبَرَ عَنْ مَدْيَنَ قَالَ أخاهم شعيبا وَحَيْثُ أَخْبَرَ عَنِ الْأَيْكَةِ لَمْ يَقُلْ أَخُوهُمْ والحكمة فيه
1 / 161