101

Al-Burhān fī ʿulūm al-Qurʾān

البرهان في علوم القرآن

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Edition

الأولى

Publication Year

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

لِيَقْتُلَهُ بِهِ فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَكُونَ مَقْلُوبَ العقل فلهذا ختمها بقوله ﴿أفلا تعقلون﴾
وَهَذِهِ الْفَاصِلَةُ لَا تَقَعُ إِلَّا فِي سِيَاقِ إِنْكَارِ فِعْلٍ غَيْرِ مُنَاسِبٍ فِي الْعَقْلِ نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تتلون الكتاب أفلا تعقلون﴾،
لِأَنَّ فَاعِلَ غَيْرِ الْمُنَاسِبِ لَيْسَ بِعَاقِلٍ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بيننا بالحق وهو الفتاح العليم﴾ خَتَمَ بِصِفَةِ الْعِلْمِ إِشَارَةً إِلَى الْإِحَاطَةِ بِأَحْوَالِنَا وَأَحْوَالِكُمْ وَمَا نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْبَاطِلِ وَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَنَسْأَلُهُ الْقَضَاءَ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ مِنَّا وَمِنْكُمْ
فَصْلٌ
وَقَدْ تَجْتَمِعُ فَوَاصِلُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَيُخَالِفُ بَيْنَهَا وَذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ:
مِنْهَا فِي أَوَائِلِ النَّحْلِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ بَدَأَ فِيهَا بِذِكْرِ الْأَفْلَاكِ فَقَالَ ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض بالحق﴾ ثُمَّ ذَكَرَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ فَقَالَ: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ﴾ . وأشار إلى عجائب الحيوان فقال: ﴿والأنعام﴾ ثُمَّ عَجَائِبِ النَّبَاتِ فَقَالَ ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ في ذلك لآية لقوم يتفكرون﴾
فَجَعَلَ مَقْطَعَ هَذِهِ الْآيَةِ التَّفَكُّرَ لِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِحُدُوثِ الْأَنْوَاعِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنَ النَّبَاتِ عَلَى وُجُودِ الْإِلَهِ الْقَادِرِ الْمُخْتَارِ

1 / 84