Bunat Islam
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
Genres
أجل، إن عمر كان ينظر بالنور الإلهي؛ فقد حدث في واقعة بدر أن المسلمين أسروا من قريش كثيرا من الأسرى، وأراد الرسول أن يشاور أصحابه في شأنهم، وكان أبو بكر رقيق الشعور، فنصح بالعفو عنهم، ولكن عمر قال: اضرب أعناقهم يا رسول الله، لا تأخذك فيهم رحمة.
وهنا قال الرسول ما معناه - وقد نزل الوحي مصدقا لقول عمر: «لو أن عذاب الله قد نزل بهذه الأمة ما نجا غير عمر»؛ إذ قد نزلت الآية الشريفة في هذه المسألة، تقول:
ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض .
وإذن فقد جاءت هذه الآية مؤيدة لرأي عمر، ولا عجب، أليس هو ينظر بنور الله؟
عظمة عمر
لم يحدثنا التاريخ منذ أبعد عصوره الغابرة، ولن يحدثنا في الأجيال المقبلة، بعظمة كعظمة عمر، فإنه ما من ملك من ملوك العالم، ولا إمبراطور من أباطرة الدنيا، ولا قيصر من القياصرة، ولا كسرى من الأكاسرة جمع المواهب العالية التي توفرت في عمر.
ولو زعموا أن قد كان هنالك في زمن من الأزمان ملك جمع عشر معشار مواهب عمر ومزاياه، فقد كان ذلك الملك، أو ذلك الكسرى ربيب حضارة ومدنية، أما عمر فقد نبت في الصحراء الجدباء، وسط جهالة وضلالة، فمن أين جاءت له العظمة في كل شيء؟ ومن هو ذا الذي يضارع عمر؟ إننا لا نرى من يدانيه في عدله، ولا في بطولته، ولا في شجاعته، ولا في حكمته، ولا في إدارته، ولا في سياسته، ولا في قيادته، ولا في عظمة دولته وإمبراطوريته.
عمر ينظم الدولة
عاد المدعي، فأخذ يربت على كتفي وهو يقول: «أفق يا هذا وردد الأدعية التي أتلوها، عليك.»
ثم أخذ يتلو، وأنا في شغل شاغل عنه.
Unknown page