Bunat Islam
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
Genres
ومع كون أسفاري ورحلاتي وتنقلاتي في البلاد الأوروبية كان منها ما هو للمتعة والنزهة، وكنت على يقين - حين قيامي بها - من متعتها وبهجتها، فقد كانت تلك المتعة أو هاتيك البهجة، تضؤل في عيني إزاء شعوري بالوحشة وألم الاغتراب، وبعدي - بل حتى تفكيري في أني بعيد - عن الأهل والوطن العزيز.
وماذا عسى أن أقول في ذلك الشعور نحو الأهل والوطن والحنين إليهما، وشعور الإعزاز والإيثار بل التقديس لهما، هذا الشعور المتأصل في النفوس؟
كان ذلك شعوري في جميع رحلاتي إلى أوروبا، على عكس شعوري في رحلات الحجاز، فإني حين أقبل على زيارة الأراضي المقدسة أشعر بالغبطة والسرور، فلماذا إذن هذا التناقض في الشعور؟
لقد تساءلت عن السر في ذلك، فاهتديت إلى شيء واحد، لا يمكن إلا أن يكون هو السر بعينه.
غذاء الروح وغذاء النفس
وإنه ليحلو لي دائما أن أكشف عن هذا السر، ذلك أني حين كنت أقصد إلى الغرب، إنما أشخص إلى عواصمه ومدنه لأغذي النفس وأمتعها باللذائذ.
ولكن حين أقصد إلى الحجاز، أشعر بأني قاصد لأغذي روحي، وشتان بين غذاء الروح وغذاء النفس.
وهكذا استطعت أن أهتدي إلى السر فيما رأيته وشعرت به من التلهف على زيارة الحجاز، ومن الفرح والغبطة والابتهاج التي كانت وما زالت تتملكني حين أعتزم السفر إلى بلاد الحجاز.
لا بد من الحج
إذا صدقت نية المرء في تولية وجهه شطر الخير، وبخاصة إذا كان مقبلا على أداء فريضة فيها مرضاة الله، فإن كل صعب يلاقيه لا بد أن يهون، وكل عقبة - مهما تكن كأداء - لا بد أن تذلل، وكل مشكلة - مهما تتعقد - لا بد أن تحل، فلا يخامره شك، ولا يداخله خوف، أو ينتابه يأس من قضاء حاجته.
Unknown page