الرحى إليه، أمن موالينا أم من أهل دولتنا أم من العرب؟
قال، فقال الفضل: أنا أحدثك حديثه. لما أفضت الخلافة إلى أبيك (رحمه الله)، قدم عليه بطريق أنفذه ملك الروم مهنئا له. فأوصلناه إليه وقربناه منه. فقال المهدي للربيع: قل له يتكلم. فقال الربيع لترجمانه ذلك. فقال هو بريء من دينه وإلا فهو حنيف مسلم إن كان قدم لدينار ولا درهم ولا لعرض من أعراض الدنيا.
ولا كان قدومه إلا سوقا إلى وجه الخليفة. وذلك أنا نجد في كتبنا أن الثالث من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يملأها عدلا كما ملئت جورا. فجئت اشتياقا إليه. فقال المهدي للربيع قل للترجمان يقول له: قد سرني ما قلت ووقع مني حيث أحببت ولك الكرامة ما أقمت، والحباء إذا شخصت، وبلادنا هذه بلاد ريف وطيب فأقم بها ما طابت لك. ثم بعد ذلك فالإذن إليك. وأمر الربيع بإنزاله وإكرامه. فأقام أشهرا ثم خرج يوما يتنزه ببراثا وما يليها. فلما انصرف اجتاز على الصراة، فلما نظر إلى مكان الأرحاء، وقف ساعة يتأمله فقال له الموكلون: قد أبطأت، فإن كانت لك حاجة فأعلمنا إياها. فقال: شيء فكرت فيه. وانصرف. فلما كان العشي راح إلى الربيع فقال له أقرضني خمسمائة ألف درهم. قال: وما تصنع بها؟
قال: أبني بها لأمير المؤمنين مستغلا يؤدي في السنة خمسمائة ألف درهم. فقال له الربيع: وحق الماضي (صلوات الله عليه)، وحياة الباقي أطال الله [41 أ] بقاءه لو سألتني أن أهبها لغلامك ما خرجت إلا معه. ولكن هذا الأمر لا بد من إعلام الخليفة إياه. قال: قد علمت أن ذاك كذلك. قال: ودخل الربيع إلى المهدي فأعلمه فقال ادفع إليه خمسمائة ألف وخمسمائة ألف، بل أدفع إليه جميع ما يريد بغير مؤامرة. قال: فدفع ذلك الربيع إليه. فبنى الأرحاء المعروفة بأرحاء البطريق.
فأمر المهدي أن تدفع عليها إليه. فكانت تحمل إليه إلى سنة ثلاث وستين ومائة، فإنه مات. فأمر المهدي أن تضم إلى مستغله. قال: وكان اسم البطريق طافات بن الليث بن العيزار بن طريق بن قوق بن مورق. ومورق كان الملك في أيام معاوية.
وقال الخليل بن مالك: كان المنصور قد أمر بعد ثلاثة جسور: جسر يعبر الناس عليه، وجسر يرجعون فيه، وجسر في الوسط للنساء، وعقد بعد ذلك بباب
Page 304