ثم قال: اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأنبتهما في أحب البلاد إليك، واجعل عندهما آية بينة،
قال الحسن: فو الله ما أعلمهما في بلد أكثر منهما بالبصرة، وقد جعل الله عز وجل عندها آية بينة المد والجزر.
وقال علي بن محمد المدائني: وفد خالد بن صفوان على عبد الملك بن مروان فوافق عنده وفد جميع الأمصار، وقد اتخذ مسلمة مصانع له، فسأل عبد الملك أن يأذن لهم بالخروج معه إلى تلك المصانع فأذن لهم، فلما نظروا إليها أقبل مسلمة على وفد أهل مكة فقال: يا أهل مكة هل فيكم مثلها؟ قالوا: لا، إلا أن فينا بيت الله المستقبل . ثم قال لوفد المدينة: هل فيكم مثل هذا؟ قالوا: لا، إلا أن فينا قبر نبي الله المرسل. ثم أقبل على وفد الكوفة فقال: هل فيكم مثلها؟
فقالوا: لا، إلا أن فينا تلاوة القرآن العظيم. ثم أقبل على وفد البصرة فقال: هل فيكم مثل هذا؟ فتكلم خالد بن صفوان فقال: أصلح الله الأمير إن هؤلاء أقروا على بلادهم، ولو أن عندك من له خبرة ببلادهم لأجاب عنهم قال: أفعندك في بلادك غير ما قالوا؟ قال: نعم، أصف لك بلادنا قال: هات. قال: يغدو قانصانا فيجيء هذا بالشبوط والشيم، ويجيء هذا بالطير والظليم، ونحن أكثر الناس عاجا وساجا وخزا وديباجا وبرذونا هملاجا وخريدة مغناجا، بيوتنا الذهب، ونهرنا العجب، تمام هذا الخبر في باب افتخار الشاميين على البصريين، وفضل الحبلة على النخلة] (1).
ونحن قتلنا أحمرا في جموعه
وقد كان قتال الكماة مظفرا (2)
غداة علا الإسكاف بالسيف رأسه
فخر صريعا لليدين معفرا
وكان ابن سيرين يقول: تكون فتنة أعفى الناس فيها أهل البصرة.
وقال رجل لعبد الله بن عمرو بن العاص: بلغني أنك تقول البصرة أسرع خرابا. قال: ليس كذاك قلت. إنما قلت هي أبطأ الأرض خرابا، لأنها أقومها
Page 235