بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية
لشيخ الإسلام ابن تيمية
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد صدر الكتاب سئل شيخ الإسلام علم العلماء الأعلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني رحمهم الله تعالى:
ما تقول السادة العلماء أئمة الدين في الحديث المروي الذي لفظه: "أول ما خلق الله العقل فقال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال وعزتي ما خلقت خلقا أكرم علي منك فبك آخذ وبك أعطي وبك الثواب والعقاب".
والحديث الآخر الذي لفظه: "كنت كنزا لا أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق ليعرفوني فبي عرفوني".
1 / 169
والحديث الثالث الذي لفظه: "كان الله ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان".
هل هذه الأحاديث صحيحة أم سقيمة أو بعضها صحيح وبعضها سقيم؟ وما الصحيح منها؟ وهل فيها زيادة الراوي العدل أم لا؟ وما معناها على الإطلاق؟
وكان بخط الكاتب في الحاشية ما نصه: رواية الشيخ.
والمقصود بيان ما بنى على هذه الأحاديث من مقالات القائلين بوحدة الوجود وما يتصل بذلك من أقاويل الفلاسفة والقرامطة الباطنية ونحو ذلك وبيان الحق من الباطل وبالله تعالى التوفيق.
1 / 170
أجاب ﵁ وأرضاه:
الحمد لله رب العالمين أما الحديث الأول فهو باللفظ المذكور قد رواه من صنف في فضل العقل كداود بن المحبر ونحوه واتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ضعيف بل هو موضوع على رسول الله ﷺ.
وقد ذكر الحافظ أبو حاتم البستي وأبو الحسن الدارقطني
1 / 171
والشيخ أبو الفرج ابن الجوزي وغيرهم أن الأحاديث المروية عن النبي في العقل لا أصل لشيء منها وليس في رواتها ثقة يعتمد.
فقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي في كتابه المعروف عن هذه الأحاديث الموضوعات عامة ما روي في العقل عن النبي وروى القزاز عن الحافظ أبي بكر الخطيب:
حدثني محمد بن علي الصوري سمعت عبد الغني بن سعيد
1 / 172
الحافظ يقول أنا أبو الحسن علي بن عمر يعني الدارقطني كتاب العقل وضعه أربعة أولهم ميسرة بن عبد ربه ثم سرقه منه داود بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسره وسرقه عبد العزيز بن أبي رجاء فركبه بأسانيد أخر.
ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي فأتى بأسانيد أخر.
قال: وهو على ما قال الدارقطني.
وقد رويت في العقل أحاديث كثيرة ليس فيها شيء يثبت
1 / 173