Bughyat Multamis
بغية الملتمس في سباعيات حديث الإمام مالك بن أنس
Investigator
حمدي عبد المجيد السلفي
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م
Publisher Location
بيروت
Genres
Hadith
قُلْتُ: هَذَا الْمَذْهَبُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ خَلادٍ ضَعِيفٌ وَاهِي الْحُجَّةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ إِسْنَادِ الْحَدِيثِ الْبَحْثَ عَنْهُ وَالاجْتِهَادَ فِيهِ حَتَّى يُطْلَبَ كَثْرَةُ الاجْتِهَادِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الأَجْرِ.
وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنَ الإِسْنَادِ حُصُولُ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ وَرُكُونُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ، هَذَا مَا لا رَيْبَ فِيهِ، وَلا شَكَّ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لا يُفِيدُ الْعِلْمَ لِقُصُورِهِ عَنْ ذَلِكَ.
وَإِنَّمَا جَاءَهُ هَذَا الْقُصُورُ مِنْ جِهَةِ احْتِمَالِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِي رُوَاتِهِ بِخِلافِ الْمُتَوَاتِرِ، فَإِنَّ خَبَرَهُمْ حَصَلَ الْقَطْعُ بِصِدْقِهِ، فَكُلُّ رَجُلٍ مِنْ رِجَالِ إِسْنَادِ خَبَرِ الْوَاحِدِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ الْخَلَلُ مِنْ جِهَتِهِ إِمَّا عَمْدًا وَإِمَّا سَهْوًا، فَفِي قِلَّتِهِمْ قِلَّةُ جِهَاتِ الْخَلَلِ، وَفِي كَثْرَتِهِمْ كَثْرَةُ جِهَاتِ الْخَلَلِ وَتَوَقُّعُ وُقُوعِهِ.
وَهَذَا جَلِيٌّ وَاضِحٌ، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ النُّزُولَ فِي الإِسْنَادِ مَرْذُولٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُلُوِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي النُّزُولِ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْعُلُوِّ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ السَّنَدُ النَّازِلُ أَصَحَّ مِنَ الْعَالِي أَوْ مُشْتَمِلا عَلَى صِفَةٍ أَعْلَى كَالْحِفْظِ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ بِمَرْجُوحٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَدَارَ ذَلِكَ عَلَى تَحْصِيلِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ، وَلِذَلِكَ نَقُولُ: إِنَّ كَثْرَةً مِنَ الأَحَادِيثِ الْعَالِيَةِ لا يُفْرَحُ بِهَا، لاشْتِمَالِ إِسْنَادِهَا عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ مَتْرُوكٍ وَاهٍ، كَأَحَادِيثِ أَبِي هُدْبَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هُدْبَةَ، وَدِينَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ومُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّوِيلِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَكَرَاوِيَةِ أَبِي الدُّنْيَا الأَشَجِّ وَشِبْهِهِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَالِيَ مِنَ الإِسْنَادِ إِنَّمَا يَكُونُ رَاجِحًا عَلَى الإِسْنَادِ النَّازِلِ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الإِسْنَادُ النَّازِلُ رِجَالُهُ أَحْفَظُ وَأَتْقَنُ مِنْ رِجَالِ
1 / 40