قَصُرَتْ حَمَائِلُهُ عَلَيهِ فَقَلَّصَتْ ... وَلَقَدْ تَأَنَّقَ قَيْنُهَا فَأَطَالَهَا
وقيلَ: معنى قولِه: «رَفِيعُ العِمَادِ»، أي طوِيلٌ، قال المُبَرّدُ (^١): يقالُ: رجلٌ طويلُ العِمادِ، إذا كانَ مُعْمَدًا طويلًا.
ومنه حديثُ يزيدَ بنِ أبِي سُفيانَ (^٢) عند موتِه: قدْ علِمتْ -يعني: قريشًا- أَنَّا أصبَحُهُم وجُوهًا، وأطولُهم عَمُودًا، وأسعدُهم جُدودًا.
فعلى هذا يكونُ: «طَوِيلُ النِّجادِ» تأكيدًا لما تقدَّمَ، وفي ضِمْنِهِ: أنَّه صاحبُ سلاحٍ وشكةٍ؛ فلهذا اقتصرتْ منْ دلائلِ طولِهِ على طولِ نِجادِهِ، دونَ غيرِ ذلك من ملابِسِهِ.
ثُمَّ وصفتْهُ بالكرمِ في سجيَّتِه، والجودِ بذاتِ يَدِهِ، ولَحَنَتْ (^٣) عن ذلك بقولِها: «عَظِيمُ الرَّمادِ»؛ وذلك أنَّ مَنْ كثُرَ ضيفانُه، ونحرُهُ لهم واشْتواؤُهُ وطبخُهُ أطْعِمَتَهم، كَثُرتْ نارُهُ، وكثُرُ رمادُهُ، فهذا تأويلٌ / حسنٌ، وقد أكثر
/ في هذا الشُّعراءُ فقالَ بعضُ العربِ، وهو زِيادُ بنُ حَمَلَ مِن أناشيدَ أبي تمَّامٍ (^٤):
كَمْ فِيهِمُ مِنْ فَتًى حُلْوٍ شَمائِلُه ... جَمِّ الرَّمادِ إِذا ما أَخْمَدَ البَرَمُ
(^١) «تهذيب اللغة» باب العين والدال مع الميم (٢/ ١٤٩)، و«لسان العرب» (عمد) (١٠/ ٢٧٥).
(^٢) الأثر إسناده ضعيف؛
رواه الأصمعي عن يزيد بن أبي سفيان، ولم يسنده، أخرجه ثابت السرقسطي في «الدلائل في غريب الحديث» (٥٩٨) قال: حدثناه إسماعيل الأسدي، قال: نا عمر بن شبة، قال: نا الأصمعي.
(^٣) كذا في (ت)، (ع)، وفي (ك): «ويحنت»، وفي المطبوع: «وكنت».
(^٤) البيت من البسيط، وقيل: لزياد بن منقذ، ينظر: «ديوان الحماسة» (ص: ١٤٩).