135

Bughyat al-rāʾid limā taḍammanahu ḥadīth Umm Zarʿ min al-fawāʾid, taḥqīq al-Disūqī

بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد ت الدسوقي

Editor

أبو داود أيمن بن حامد بن نصير الدسوقي

Publisher

دار الذخائر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Genres

بتعيينِهِ، أمَّا عندَ القائلِ أو السَّامعِ أو مَنْ يبلُغُهُ الخبرُ. وهذا مثل قولِك: في العالَمِ من يَفسُقُ، وفي بنِي آدمَ من / يسرِقُ، فهذا ليس بِغِيبةٍ.
وقد أشارَ إلى نحوِ هذا الحارثُ بنُ أسدٍ (المُحاسِبِيُّ) (^١) ﵀، قال: وقال إبراهيمُ: «لَا تكُونُ غِيبَةً مَا لَمْ يُسَمَّ صَاحِبُهَا» (^٢)، وكانَ النبيُّ ﷺ إذا بلَغَهُ عن أحدٍ شيءٌ لمْ يُصرِّحْ بِهِ، وكانَ يقول (^٣): «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يفعلُونَ كَذَا»، وهو ﷺ وإنْ عرَفَهُم، فليسَ بمُغتَابٍ لهم؛ إذ نِيَّتُهُ غيرُ الغِيبةِ والأذى، بل التَّحذيرُ والعِظةُ، ولو فعلَ ذلِك إنسانٌ / / لمِثْلِ هذا لمْ يكُنْ مُغتابًا إذا لمْ يُصرِّحْ ولمْ يُعرِّضْ باسمه تعريضًا يُفهِمُ عينَهُ.
وكذلِك قولُه في هذا الحديثِ: «اجتَمَعَ إحْدَى عشْرَةَ امرَأَةً»، فذكرَ نساءً مجهولاتِ الأعيانِ والأسماءِ، مجهولاتِ الأزواجِ، بائداتِ الزَّمانِ، فمَا حكى عن بعضِهِنَّ منْ قبِيحِ ذكرِ أزواجِهِنَّ ليس بغِيبةٍ.
نعم، وإن كانَ قدْ سمَّى في بعضِ الطُّرقِ / - كما / ذكرْنَا (^٤) - بعضّهُنَّ، فإنَّ أزواجَهُنَّ غيرُ مُسَمّين، ومع أنَّ تلك التَّسميةِ- لِقدمِ الزَّمانِ- لم تزدْ معرفةً.

(^١) ليست في (ع)، (ك)، والحارث بن أسد المحاسبي، أبو عبد الله الزاهد البغدادي، أحد الأئمة المشهورين، وكان الحارث تكلم في شيء من الكلام، فهجره أحمد بن حنبل، فاختفى، فلما مات لم يصل عليه إلا أربعة نفر (ت: ٢٤٣ هـ) «تهذيب التهذيب» (٢/ ١٣٥).
(^٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (٢٢٧)، وفي «ذم الغيبة» (٩٠)، من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، قال: «كَانُوا لَا يَرَوْنَهَا غِيبَةً مَا لَمْ يُسَمَّ صَاحِبُهَا».
(^٣) ذُكرت هذه العبارة عن النبي ﷺ في غير مناسبة منها على سبيل المثال: ما أخرجه البخاري (٧٥٠) من حديث أنسٍ ﵁ أن النبي ﷺ قال: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ في صَلاتِهِمْ»، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ في ذَلِكَ، حَتَّى قال: «لَيَنْتَهُنَّ عن ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ».
(^٤) في (ك): «ذكرناه».

1 / 138