283

Bismarck

بسمارك: حياة مكافح

Genres

بيد أن سلطان يعود، ويظل صديق سيده خمس سنوات أخرى، ويبدو وحشيا أحيانا فيعاقب في الغالب، ويدلل عادة، ومهما يكن الأمر فقد كانت خاتمته فاجعة، وإليك كيف يرويها تيدمان:

بدا الأمير بسمارك في أيام ذلك الخريف ذا مزاج جديد، فيظهر مسرورا من الصباح إلى المساء، مستعدا لكل مداعبة، وبالأمس بينما كنا نتناول القهوة رئي غياب سلطان بغتة، وسلطان لما كان من علوقه بمعشوقة في قرية قريبة افترض بسمارك أنه ذهب ليزور معشوقته تلك مرة أخرى فأزعجه ذلك وقرر أن يجلده جلدا شافيا، ونذهب إلى غرفتنا لنقوم فيها بأعمالنا حتى ساعة إقفال البريد، فلما دنت الساعة الحادية عشرة سمعنا ضوضاء في الطبقة الأولى من المنزل، فجاء من يخبرنا بأن سلطان حضر وهو يحتضر.

وفي الطبقة الأولى نبصر منظرا مؤثرا، نبصر بسمارك جالسا على الأرض وواضعا رأس سلطان المحتضر في حجره

13

وهو يسر إليه بكلمات عاطفية وهو يحاول كتم عبراته عنا، وعلى ما كان من إصرار هربرت ظل بسمارك بجانب الكلب، فإذا ما نهض مرة؛ فلكي يعود إليه في الحال، ويموت الكلب فيقول الأمير: «كان لدى قدماء الألمان دين كريم، فكانوا يعتقدون به ملاقاتهم بعد الموت، وفي مرابع الصيد السماوية، جميع الكلاب الطيبة التي كانت صاحبة لهم في هذه الدنيا، وأود القدرة على اعتقاد ذلك.» وينزوي الأمير في غرفته، ولم يعد في ذلك المساء إلا ليتمنى لنا ليلة سعيدة.

وفي الصباح نشعر بأننا في منزل مأتمي، وما كان لأحد أن يتكلم بغير صوت خافت، ولم ينم الأمير؛ فقد آلمه ما كان من تأديبه الكلب قبيل موته، وعلى ما كان من إثبات تشريح الجثة وقوع الموت بالسدادة الدموية لم ينفك بسمارك يؤنب نفسه، ونذهب بعد تناول طعام الفطور راكبين خيلا، ولا يكاد الأمير يتكلم، ويبحث الأمير عن الطرق التي سلكها في المرة الأخيرة مع كلبه الوفي المحبوب، ونبقى زمنا طويلا تحت ساحية،

14

وأكون بجانبه حينا، ويقول لي إن من الحنث

15

أن يولع الإنسان بحيوان على هذا الوجه، ولكن ما فقده هو أعز شيء عليه في هذا العالم؛ ولذلك فهو يوافق هنري الخامس على قوله: «كان يسهل علي أن أستغني عما هو أحسن منه!» ثم يهمز جواده فيصل الفرسان والحصن إلى القصر عوما.

Unknown page