10 ... - مات؟ ... - نعم، وإني لأرجو أن يكون أخوك حيا فتلقاه ويحدثك الخبر! - ليت الأماني تصدق يا أبا عبيدة!
وخلا النعمان إلى نفسه يفكر في أمره ... هل تصدق الأماني؟ وهل يرى أخاه حيا فيحدثه ويستمع إليه؟ ولكن أين ...؟
وهرول عائدا إلى أبي محمد البطال يستزيده: لقد قلت يا أبا محمد: إن البطريق الذي نالك بسيفه اسمه قسطنطين؟ - نعم! - وإنك لقيته بعدها في بعض المغازي فعرفته وعرفك؟ - نعم! - أفلست تظنه يعرف ما آل إليه أمر هؤلاء الأسرى؟ - أظن ... - فإني أريد أن ألقاه. - من ؟! - قسطنطين البطريق. - كل رومي قسطنطين يا أبا عتيبة،
11
فهل تظنني أذكر كل ما مر بي من الصور والحوادث على تعاقب السنين؟ - أفلست تذكر أين لقيت قسطنطين هذا في الغزاة الثانية؟ - لست أذكر. - ولكنه يعرف بعض أنباء أخي، فأين ألقاه إذن؟ - في بعض المعارك. - ماذا؟ - أعني لا بد أنك ستلقاه في معركة قابلة، فإنه رجل جلاد فيما يبدو، هذا إذ لم يكن قد مات. - أتظنه مات؟ - وماذا يمنع؟ لقد كان يوم أنطاكية شيخا قد جاوز الخمسين، فإن لم يكن قد لقي أجله في بعض المعارك فقد جاوز اليوم سن الموت. - وا أسفاه! - تأسف على موت عدوك وعدو الله! - بل آسف على أخي، وما غاب عني من خبره. - إنك لتسرف في الأمل يا أبا عتيبة إسرافا يوشك أن يفل عزمك عند أول صدمة فيقطع بك، فهل استيقنت يقينا لا شبهة فيه أن ذاك أخوك؟ فكم في العرب من «عتبة»، وكم عربي اسمه «الرقي» ولم يدخل الرقة أو يرها بعينين، فمن أين لك اليقين بأن ذاك أخوك؟ - إلا يكن أخي لأبي وأمي، فإنه أخي في الدين والنسب. - صدقت، وإنه لأخي كذلك، وأخو كل مسلم وعربي. - فستحرص منذ اليوم على ما أحرص، فتلتمس له أسباب الحرية؟ - نعم، ولكل عربي في الأسر، وأطلب ثأر القتلى بكل رأس رأسين.
ودوى النفير، فهب المسلمون إلى أسلحتهم، وهب النعمان معهم إلى سلاحه وهو يلبي: لبيك عتبة، لبيك أبا أيوب، الله أكبر.
الفصل التاسع
نداء الدم
- يوشك حديث الراهب أن يكون حقا!
كذلك قال النعمان لنفسه، ألم يقل ذلك الراهب: إن صاحبا بالجنب ينشد ضالة، والضالة تنشد ناشدها؟ ... فذانك هو وأخوه، ولكنه يريد أن يعرف أين تنتهي القصة؟ وما ذلك الباب عليه القفل والرتاج وستر الديباج؟ ومن ذلك الصبي وتلك الجارية؟ وما تلك العمومة والخئولة واختلاط الدم بالدم وتدسس العرق إلى العرق؟
Unknown page