Bina Umma Carabiyya
منهاج مفصل لدروس في العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم
Genres
لقد سرت الحكومة البريطانيا سرورا كبيرا بحركة الشريف حسين؛ ذلك لأن إزالة السيادة العثمانية تماما من الجزيرة العربية عموما ومن الحجاز خصوصا يتفق وسياستها التقليدية في الجزيرة العربية، كما أن إنشاء سلطنة عربية في الحرمين تكون تابعة لها يتفق مع سياستها الإسلامية أيضا. هذا وهي تستطيع أن تستخدم تلك الحركة الحجازية في إثارة عبر الأقطار السورية والعراقية ضد الترك، وفي التهوين من أمر «الجهاد» الذي أعلنته الحكومة العثمانية الاتحادية، ومن أمر «الخلافة» التي أحبوا أن يجاروا عبد الحميد في استغلال نفوذها بين المسلمين قاطبة.
وعلى كل حال فقد انسحبت الجيوش العثمانية ودخلت قوات الاحتلال البريطانية ثم الفرنسية مختلف الأقطار العربية.
وانطلقت الأيدي الفرنسية البريطانية؛ فقد تفرقت كلمة الناس في تلك الأقطار تفرقا كبيرا، ولكن ما لبثت أن تكونت بها أدوات العمل السياسي فيها وفي غيرها من البلاد العربية التي لم تكن تحكمها السلطنة العثمانية مباشرة كمصر.
وقصة هذا العمل السياسي من الحرب العالمية الأولى إلى تكون الأوضاع العربية التي وصفناها إيجازا في القسم الأول من هذه المذكرات سنعرض لها في وقت آخر.
وبهذا ينتهي هذا القسم الثاني من هذا المنهاج، يتلوه القسم الثالث والأخير، وسنخصصه لبحث مسائل تاريخية عربية معينة.
مراحل نحيل عليها من يريد الاطلاع
(1)
نشر محمد بك فريد - رئيس الحزب الوطني المصري - كتابا طيبا في زمانه في تاريخ الدولة العلية، وقد رجع فيه للكتب التاريخية التركية.
ومحمد بك فريد ينتمي لجيل من المصريين عرف الخاصة من أبنائه اللغة التركية واتصلوا بالترك مصاهرة. وللجميع من ترك وعرب ثقافة واحدة عثمانية تقوم على التركية والعربية، وتزدان عموما بنفس الآداب والمثل العليا. وقد عرفت الأقطار العربية الأخرى في دمشق وبغداد وحلب وغيرها نفس الظاهرة، وقد اختفت تماما في أيامنا. وإلى أن تهيئ الجامعات العربية لطلابها دراسات في التركية تمكنهم من أن يقرءوا وثائق التاريخ العثماني ومراجعة التركية، نوصي الطلاب بالرجوع إلى الترجمة العربية لدائرة المعارف الإسلامية أو إلى الدائرة نفسها بالإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية ومقالات الدائرة فيما يتعلق بتراجم الرجال أو الموضوعات العثمانية جيدة، وتقوم على المراجع التركية الأصلية. (2)
ويمثل أحمد فارس الشدياق صحفي العهد الحميدي خير تمثيل، بل إن حياته تعكس ذلك العصر قوة وضعا، وخير ما يفعل الطالب أن يقرأ منتخبات الجوائب، وهي الجريدة الكبرى التي كان يصدرها الشدياق. (3)
Unknown page