Bidayat Mujtahid

Averroes d. 595 AH
96

Bidayat Mujtahid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Publisher

دار الحديث

Edition Number

بدون طبعة

Publisher Location

القاهرة

فِي لِسَانِهِمْ فَجْرَانِ كَذَلِكَ الشَّفَقُ شَفَقَانِ: أَحْمَرُ، وَأَبْيَضُ، وَمَغِيبُ الشَّفَقِ الْأَبْيَضِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ الْمُسْتَدِقِّ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ: (أَعْنِي الْفَجْرَ الْكَاذِبَ) وَإِمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ الْأَبْيَضِ الْمُسْتَطِيرِ، وَتَكُونُ الْحُمْرَةُ نَظِيرَ الْحُمْرَةِ، فَالطَّوَالِعُ إِذَنْ أَرْبَعَةٌ: الْفَجْرُ الْكَاذِبُ، وَالْفَجْرُ الصَّادِقُ، وَالْأَحْمَرُ وَالشَّمْسُ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْغَوَارِبُ، وَلِذَلِكَ مَا ذُكِرَ عَنِ الْخَلِيلِ مِنْ أَنَّهُ رَصَدَ الشَّفَقَ الْأَبْيَضَ، فَوَجَدَهُ يَبْقَى إِلَى اللَّيْلِ - كُذِّبَ بِالْقِيَاسِ وَالتَّجْرِبَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَقَدْ رَجَّحَ الْجُمْهُورُ مَذْهَبَهُمْ بِمَا ثَبَتَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ عِنْدَ مَغِيبِ الْقَمَرِ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ» وَرَجَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ مَذْهَبَهُ بِمَا وَرَدَ فِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ وَاسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِهِ وَقَوْلِهِ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» وَأَمَّا آخِرُ وَقْتِهَا فَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ: إِنَّهُ ثُلُثُ اللَّيْلِ. وَقَوْلٌ: إِنَّهُ نِصْفُ اللَّيْلِ. وَقَوْلٌ: إِنَّهُ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَبِالْأَوَّلِ (أَعْنِي ثُلُثَ اللَّيْلِ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلُ الثَّانِي: أَعْنِي نِصْفَ اللَّيْلِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَوْلُ دَاوُدَ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ تَعَارُضُ الْآثَارِ، فَفِي حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِالنَّبِيِّ ﵊ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ثُلُثَ اللَّيْلِ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَخَّرَ النَّبِيُّ ﷺ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﵊ أَنَّهُ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «لَيْسَ التَّفْرِيطُ فِي النَّوْمِ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ أَنْ تُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى» . فَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ لِحَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ قَالَ: ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَمِنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: شَطْرُ اللَّيْلِ.

1 / 104