51

Bidayat Mujtahid

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Investigator

فريد عبد العزيز الجندي

Publisher

دار الحديث

Publication Year

1425 AH

Publisher Location

القاهرة

حنيفة وأحمد والثوري، وغيرهم إلى أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَحِيضُ، وَأَنَّ الدَّمَ الظَّاهِرَ لَهَا دَمُ فَسَادٍ وَعِلَّةٍ، إِلَّا أَنْ يُصِيبَهَا الطَّلْقُ، فإنهم أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ دَمُ نِفَاسٍ، وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْحَيْضِ فِي مَنْعِهِ الصَّلَاةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ. وَلِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي مَعْرِفَةِ انْتِقَالِ الْحَائِضِ الْحَامِلِ إِذَا تَمَادَى بِهَا الدَّمُ مِنْ حُكْمِ الْحَيْضِ إِلَى حُكْمِ الِاسْتِحَاضَةِ أَقْوَالٌ مُضْطَرِبَةٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْحَائِضِ نَفْسِهَا ; (أَعْنِي: إِمَّا أَنْ تَقْعُدَ أَكْثَرَ أَيَّامِ الْحَيْضِ، ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَإِمَّا أَنْ تَسْتَظْهِرَ عَلَى أَيَّامِهَا الْمُعْتَادَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعُ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) وَقِيلَ: إِنَّهَا تَقْعُدُ حَائِضًا ضِعْفَ أَكْثَرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا تُضَعِّفُ أَكْثَرَ أَيَّامِ الْحَيْضِ وقيل: إِنَّهَا تُضَعِّفُ أَكْثَرَ أَيَّامِ الْحَيْضِ بِعَدَدِ الشُّهُورِ الَّتِي مَرَّتْ لَهَا. فَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي مِنْ حَمْلِهَا تُضَعِّفُ أَيَّامَ أَكْثَرِ الْحَيْضِ مَرَّتَيْنِ، وَفِي الثَّالِثِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَفِي الرَّابِعِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَكَذَلِكَ مَا زَادَتِ الْأَشْهُرُ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ: عُسْرُ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّجْرِبَةِ، وَاخْتِلَاطُ الْأَمْرَيْنِ، فَإِنَّهُ مَرَّةً يَكُونُ الدَّمُ الَّذِي تَرَاهُ الْحَامِلُ دَمَ حَيْضٍ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ قُوَّةُ الْمَرْأَةِ وَافِرَةً وَالْجَنِينُ صَغِيرًا، وَبِذَلِكَ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَمْلٌ عَلَى حَمْلٍ عَلَى مَا حَكَاهُ بُقْرَاطُ وَجَالِينُوسُ وَسَائِرُ الْأَطِبَّاءِ، وَمَرَّةً يَكُونُ الدَّمُ الَّذِي تَرَاهُ الْحَامِلُ لِضَعْفِ الْجَنِينِ وَمَرَضِهِ التَّابِعِ لِضَعْفِهَا وَمَرَضِهَا فِي الْأَكْثَرِ، فَيَكُونُ دَمَ عِلَّةٍ وَمَرَضٍ، وَهُوَ فِي الْأَكْثَرِ دَمُ عِلَّةٍ. الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ هَلْ هِيَ حَيْضٌ أَمْ لَا؟ فَرَأَتْ جَمَاعَةٌ أَنَّهَا حَيْضٌ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْهُ أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ حَيْضٌ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ، وَفِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ رَأَتْ ذَلِكَ مَعَ الدَّمِ أَوْ لَمْ تَرَهُ. وَقَالَ دَاوُدُ، وَأَبُو يُوسُفَ: إِنَّ الصُّفْرَةَ، وَالْكُدْرَةَ لَا تَكُونُ حَيْضًا إِلَّا بِأَثَرِ الدَّمِ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الْغُسْلِ شَيْئًا، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ إِلَيْهَا بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ يَسْأَلْنَهَا عَنِ الصَّلَاةِ ; فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. فَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ عَائِشَةَ جَعَلَ الصُّفْرَةَ، وَالْكُدْرَةَ حَيْضًا، سَوَاءٌ ظَهَرَتْ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ أَمْ

1 / 59