Bidāyat al-mujtahid wa-nihāyat al-muqtasid
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Editor
فريد عبد العزيز الجندي
Publisher
دار الحديث
Publication Year
1425 AH
Publisher Location
القاهرة
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَى الْجُنُبِ فِي أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ ; فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى اسْتِحْبَابِهِ دُونَ وُجُوبِهِ، وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى وُجُوبِهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ: «أَنَّهُ ذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ» وَهُوَ أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى حَمْلِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ، وَالْعُدُولِ بِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ لِمَكَانِ عَدَمِ مُنَاسَبَةِ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ لِإِرَادَةِ النَّوْمِ (أَعْنِي الْمُنَاسَبَةَ الشَّرْعِيَّةَ) وَقَدِ احْتَجُّوا أَيْضًا لِذَلِكَ بِأَحَادِيثَ، أَثْبَتُهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ، فَقَالُوا: أَلَا نَأْتِيكَ بِطُهْرٍ؟ فَقَالَ: أَأُصَلِّي فَأَتَوَضَّأُ؟ .
وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ: فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: مَا أَرَدْتُ الصَّلَاةَ فَأَتَوَضَّأُ» وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ ضَعِيفٌ، فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْخِطَابِ مِنْ أَضْعَفِ أَنْوَاعِهِ، وَقَدِ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ لَا يَمَسُّ الْمَاءَ» إِلَّا أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى الْجُنُبِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ، وَعَلَى الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ فِي هَذَا كُلِّهِ بِإِسْقَاطِ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ مُنَاسَبَةِ الطَّهَارَةِ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ الطَّهَارَةَ إِنَّمَا فُرِضَتْ فِي الشَّرْعِ لِأَحْوَالِ التَّعْظِيمِ كَالصَّلَاةِ، وَأَيْضًا لِمَكَانِ تَعَارُضِ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ ﵊ «أَنَّهُ أَمَرَ الْجُنُبَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَاوِدَ أَهْلَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ» وَرُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ كَانَ يُجَامِعُ ثُمَّ يُعَاوِدُ وَلَا يَتَوَضَّأُ» .
1 / 48